في وسعه ، وقد بذله لمن أساء إليه ، فكذلك التوبة. والعلة الرابطة بينهما أن كل واحد منهما هو بذل الجهد في تلافي ما فرّط.
وأما السمع فالكتاب نحو قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) [الشورى : ٢٥]. ونحو ذلك في القرآن.
وأما السنة : فقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ العبد إذا أذنب ذنبا فاعترف به وتاب غفر له» (١) ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (٢) ، وقيل للحسن رحمهالله : المؤمن يذنب ثم يتوب ، ثم يذنب ثم يتوب ، ثم يذنب ثم يتوب ، إلى متى؟ قال : ما أعرف هذا إلّا أخلاق المؤمنين (٣). وأما الإجماع : فلا خلاف فيه.
المبحث الخامس فيما يفسد التوبة ، وما يمنع من التوبة : أما ما يفسدها ففسادها على وجهين : أحدهما : ما معه لا تصح التوبة ولا تكون مزيلة للعقاب ، وذلك إذا اختل بعض شروطها المتقدمة.
والثاني : أن يعود إلى مثل ما تاب عنه من القبائح ، فإنّ التوبة الأولى تبطل ، والعقاب يستحقّ ، ويعود عليه وبال إفسادها بإبطال الثواب ، واستحقاق العقاب. وأما ما يمنع منها فأمور :
منها أن يكون الإنسان معتقدا لصحة ما هو عليه من البدعة ، مصوبا
__________________
(١) أخرجه المرشد بالله في أماليه ١ / ٢٠٠ ، بلفظ : يا عائشة إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي ؛ فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار ؛ فإن العبد إذا استغفر الله من ذنب غفر له ، والبخاري ٢ / ٩٤٤ رقم ٢٥١٨. والحاكم ٤ / ٢٤٣ ، وغيرهم بلفظ : إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه» ، في ذكر حادثة الإفك.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ١٥٤. ومجمع الزوائد ٨ / ١٩.
(٣) سلوة العارفين ٤٣٨.