ويمكن أن يخرّج ذلك على أصل الهادي إلى الحق عليهالسلام. وليس من شرط الإحصان الإسلام. وحكم الزانية في شرائط الإحصان حكم الزاني بلا خلاف في ذلك. ولا يثبت الإحصان إلا بشهادة شاهدين عدلين على ما مضى. ويسألهما الحاكم عن معنى الإحصان وتفسيره.
فائدة : وكان الأصل في حد الزنا (١) هو الحبس في النساء الزواني. قال الله تعالى (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) [النساء : ١٥]. وكان قوله تعالى : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) إشعارا منه بالنسخ لهذا الحكم ، وهو وجوب إمساكهن في البيوت.
ثم نسخ الله تعالى ذلك بالجلد والتغريب في البكر ، وبالجلد والرجم في الثّيّب ؛ فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خذوا عنّي ، قد جعل الله لهنّ سبيلا :
البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام. والثيب بالثيب رجم بالحجارة» (٢) ، ثم نسخ الله التغريب بأية الجلد ، فقال (٣) تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) [النور : ٢]. وروي عن علي عليهالسلام : كفى بالنفي فتنة (٤). وروي أنّ عمر بن الخطاب نفى واحدا فارتد ولحق بهرقل الكافر ، فقال عمر : لا أنفي بعده أحدا ، ولم ينكره أحد من الصحابة ، فكان ذلك دليلا على أنهم علموا أن النفي منسوخ ؛ لو لا ذلك لأنكروا عليه قوله : لا أنفي بعده أحدا (٥).
__________________
(١) في (ب) : الزاني.
(٢) مسلم ٣ / ١٣١٦ رقم ١٣١٦. وأبو داود ٤ / ٥٧١ رقم ٤٤١٥. والترمذي ٢ / ٣٢ رقم ١٤٣٤. ومسند أحمد ٨ / ٣٩٢ رقم ٢٢٧٢٩ ، وغيرهم.
(٣) في (ج) ، (ب) : قال.
(٤) الحاوي ١٧ / ٢٠. وعبد الرزاق ٧ / ٣١٤.
(٥) النسائي ٨ / ٣١٩. وعبد الرزاق ٧ / ٣١٤.