أنه لو كان حالّا في الصور الحسنة لم يكن بأن يحل في بعضها أولى من أن يحل في البعض الآخر ، لعدم المخصص ، فيكون حالّا وغير حالّ ؛ لأنّ الشّواهة والحسن مختلفان بحسب اختلاف الشهوة والنّفار. فإن الزنجي يستحسن الزنجية ، والعربي لا يستحسنها. وكذلك التركية والتركي. والهندي ، والحبشي ، وغير ذلك.
الوجه الثاني : أنه تعالى لو كان حالّا في شيء من المحالّ لم يخل أن يكون حالّا على سبيل الوجوب أولا ؛ بل على سبيل الجواز.
والأول باطل ؛ لأنه كان يجب أن يكون حالّا في الأزل ، وفي ذلك قدم المحالّ ، وقد ثبت حدوثها ، إذ لا يعني بالمحال غير المتحيّزات. ولا يجوز أن يكون حالّا على سبيل الجواز ؛ لأنه لا يخلو أن يكون حالّا بالفاعل أو لعلّة ، والأول باطل من حيث إنه تعالى لا فاعل له من حيث إنه قديم. والمفعول محدث.
ولا يجوز أن يكون لعلّة ؛ لأنها لا تخلو أن تكون حالّة أو غير حالّة ، والأول باطل ؛ لأنها تكون قد شاركته فيما لأجله احتاج إلى علة ، وهو كونه حالّا ، فكان يجب أن تحتاج كل علة إلى علّة فيتسلسل ذلك إلى ما لا نهاية له ، وذلك محال. ولا يجوز أن يكون حالّا لعلّة غير حالّة ؛ لأنها قبل إيجابها الحلول له قد اختصت به غاية الممكن من الاختصاص ، وهو أنها وجدت على حدّ وجوده ، ولكن عند إيجابها له الحلول يبطل اختصاصها به ؛ لأن ما ليس بحالّ لا يختص بما هو في محل ، إلا بأن يكون أحدهما حالّا في الآخر. وإذا بطل اختصاصها به بطل إيجابها له ، فتكون مختصّة به وغير مختصة ، وموجبة له وغير موجبة ، ويكون حالّا وغير حالّ في حالة واحدة ، وذلك محال.
فصل : وقد اعترضت المشبّهة بآيات متشابهة وأخبار واستدلوا بها على التشبيه. والجواب عنها من وجهين :