يراد به سلطانه واعتلاؤه |
|
وذلك شيء ليس في القول خافيا |
فإن قيل : فما وجه تخصيص العرش بالذكر؟ قلنا : لأنه أعظم خلق الله. قال تعالى : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة : ١٢٩]. فإن قيل : فما الفائدة في خلقه؟ قلنا : فيه فوائد : منها أنه سقف الجنة. ومنها أنه قبلة دعاء المؤمنين ، كما أن الكعبة قبلة الصلاة. ومنها أنه مطاف الملائكة الكرام. قال الله تعالى : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) [الزمر : ٧٥] إلى غير ذلك من الفوائد.
واحتجّت المجسمة بأن قالوا : إنا لا نجد في الشاهد فاعلا إلا وهو جسم ، فالقديم إذا كان فاعلا فهو جسم.
والجواب : أنّ ما ذكروه اعتماد منهم على مجرد الوجود ، ومجرّد الوجود لا يدل على حقيقة ولا مجاز ، ولا يتعلق به حكم من الأحكام ؛ ولأنه ليس هناك علّة رابطة بين الشاهد والغائب في هذا الباب ، ولا طريقة جامعة ، فبطل ما ذكروه. وبعد فإنه يلزمهم على قود ما ذكروه أن يكون تعالى مركّبا من لحم ودم ، تجوز عليه الصحة والسقم (١) ، والوجود والعدم ، والموت والحياة ؛ لأنا لا نجد فاعلا في الشاهد إلا كذلك ، وهذا مما لا يقولون به. وبمثل ذلك نبطل (٢) ما يوردونه من الشبه العقلية.
ومما يتعلق به المخالفون واستدلوا به على إجازة المجيء والإتيان على الواحد المنّان قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) [البقرة : ٢١٠]. وقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [الفجر : ٢٢].
__________________
(١) السّقم والسّقم مثل حزن وحزن.
(٢) في (ب) و (ج) : يبطل.