الآية فمعنى قوله : (عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) أي في أمر الله ، لا يدفع ذلك دافع من عقل ولا من لغة من إجماع. وعليه يدل قول الشاعر :
خليليّ كفّا واذكرا الله في جنبي |
|
فقد نلتما (١) في غير إثم ولا ذنب |
ومثله مروي عن علماء التفسير (٢) فإن بعضهم قال : معنى قوله تعالى : (ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) ، قال المراد في (٣) طاعة الله (٤) ، كما يقال : ما نالني في جنب فلان فهو راحة.
وعن ابن عباس أن معناه في ذات الله وأمره وحقه ، وهذا المعنى حسن عندنا (٥). وقد قال : من يوثق بمعرفته من الشعراء وهو ابن دريد الشاعر (٦) ما يلائم ذلك ، حيث قال :
فكلّما لاقيته مغتفر |
|
في جنب ما أسأره شحط (٧) النوى (٨) |
__________________
(١) في (ب) و (ه) : قلتما.
(٢) ينظر القرطبي ١٥ / ١٧٦. وجامع البيان مج ١٢ ج ٢٤. ص ٢٤. وأبو السعود ٧ / ٢٦٠. والماوردي ٥ / ١٣٢. والخازن مع البغوي ٥ / ٣٢٠. والكشاف ٤ / ١٣٧. والدر المنثور ٥ / ٦٢٤. والرازي مج ٧ ج ١٤ ص ٧. والدر المصون ٩ / ٤٣٥. والبحر المحيط ٧ / ٤٣٥. وروح المعاني مج ١٣ ج ٢٤ ص ٢٧. كلهم فسر في جنب الله : ذكر الله. أمر الله. طاعة الله ، ونحو ذلك على الاستعارة. وأنشدوا قول سابق البربري من شعراء الحماسة :
أما تتّقين الله في جنب وامق |
|
له كبد حرّى عليك تقطّع |
(٣) «في» ساقطة من (ب) ..
(٤) تفسير ابن عباس ص ٣٩٠.
(٥) قال الإمام زيد عليهالسلام في غريب القرآن ص ٢٧٤ : يوم القيامة. وجنب الله : علي بن أبي طالب ، وموالاة أهل بيته عليهمالسلام. وقال : في أمر الله.
(٦) هو محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي ، أبو بكر أديب شاعر نحوي لغوي نسابة ، ت ٣٢١ ه له عدة مؤلفات. ينظر معجم المؤلفين لكحالة ٣ / ١١٨.
(٧) أسأره : أبقاه. وشحط : بعد. شرح مقصورته ص ٤.
(٨) معناه : أن كل ما لاقاه من محبوبه من جفا مغتفر قياسا بما سببه البعد من أذى. مثل قوله :
ذنب الجفى عند ذنب البين مغتفر |
|
فليت من ودّعوا عادوا وإن هجروا |