الفصل الثالث
في
بقية أحكام الأجسام ، وتشترك الأجسام في وجوب التناهي لوجوب اتصاف ما فرض له ضده به عند مقايسته بمثله مع فرض نقصانه عنه
أقول : لما فرغ عن البحث في الأجسام شرع في البحث عن باقي أحكامها إذ قد كان سبق البحث عن بعض أحكامها وهذا الفصل يشتمل على مسائل :
المسألة الأولى
في تناهي الأجسام
وقد اتفق أكثر العقلاء على ذلك وإنما خالف فيه حكماء الهند واستدل المصنف ـ رحمهالله ـ على ذلك بوجهين : الأول برهان التطبيق وتقريره أن الأبعاد لو كانت غير متناهية لأمكننا أن نفرض خطين غير متناهيين مبدأهما واحد ثم نفصل من أحدهما قطعة ثم نطبق أحد الخطين على الآخر بأن نجعل أول أحدهما مقابلا لأول الآخر ، وثاني الأول مقابلا لثاني الثاني والثالث للثالث وهكذا إلى ما لا يتناهى فإن استمرا كذلك كان الناقص مثل الزائد وهو محال بالضرورة ، وإن انقطع الناقص انقطع الزائد لأن الزائد إنما زاد بمقدار متناه هو القدر المقطوع والزائد على المتناهي بمقدار متناه يكون متناهيا فالخطان متناهيان وهو المطلوب.
إذا عرفت هذا فلنرجع إلى تتبع ألفاظ الكتاب : فقوله وتشترك الأجسام في وجوب التناهي ، إشارة إلى الدعوى مع التنبيه على كون هذا الحكم واجبا لكل جسم.