مقابلا أو في حكم المقابل ، السادس وقوع الضوء على المرئي إما من ذاته أو من غيره ، السابع أن يكون المرئي كثيفا بمعنى وجود الضوء واللون له ، إذا عرفت هذا فنقول عند المعتزلة والأوائل أن عند حصول هذه الشرائط يجب الإدراك بالضرورة فإن سليم الحاسة يشاهد الشمس إذا كانت على خط نصف النهار بالضرورة ولو تشكك العقل في ذلك جاز أن يكون بحضرتنا جبال شاهقة وأصوات هائلة وإن كنا لا ندركها وذلك سفسطة.
أما الأشاعرة فلم يوجبوا ذلك وجوزوا حصول جميع الشرائط مع انتفاء الإدراك ، واحتجوا بأنا نرى الكبير صغيرا والسبب فيه رؤية بعض أجزائه دون البعض مع تساوي الجميع في الشرائط وهو خطأ لوقوع التفاوت بالقرب والبعد فلهذا أدركنا بعض الأجزاء وهي القريبة دون الباقي ويتحقق التفاوت بخروج خطوط ثلاثة من الحدقة إلى المرئي أحدها عمود والباقيان ضلعا مثلث قاعدته المرئي فالعمود أقصر لأنه يوتر الحادة والضلعان أطول لأنهما يوتران القائمة.
قال : بخروج الشعاع.
أقول : اختلف الناس في كيفية الإبصار فقال قوم إنه بخروج شعاع متصل من العين إلى المرئي على هيئة مخروط رأسه عند الحدقة وقاعدته عند المرئي وهو اختيار المصنف ـ رحمهالله ـ ، وقال أبو علي إن الإبصار إنما يكون بانطباع صورة المرئي في الرطوبة الجليدية والقولان عندي باطلان أما الأول فلأن الشعاع إما جسم أو عرض والثاني يستحيل عليه الانتقال ، والأول باطل لامتناع أن يخرج من العين على صغرها حجم متصل منها إلى كرة الثوابت وأيضا فإن حركة الشعاع ليست طبيعية لعدم اختصاصها بجهة دون أخرى فلا تكون قسرية وظاهر أنها ليست إرادية ، ولأن الشعاع جسم لطيف جدا فيلزم تشوشه عند هبوب الرياح فلا يحصل الإبصار للمقابل وأما الثاني فلأنه يستحيل انطباع العظيم في الصغير.
قال : فإن انعكس إلى المدرك أبصر وجهه.
أقول : الشعاع إذا خرج من العين واتصل بالمرئي وكان صقيلا كالمرآة انعكس عنه إلى كل ما نسبته إلى المرئي كنسبة العين إليه ولهذا وجب تساوي زاويتي الشعاع والانعكاس