المشترك وهو المدرك للصور الجزئية التي تجتمع عنده مثل المحسوسات. الثانية خزانته وهي الخيال. الثالثة الوهم وهو قوة تدرك المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوسات كالصداقة الجزئية والعداوة الجزئية. الرابعة خزانته وهي الحافظة. الخامسة القوة المتصرفة في الصور الجزئية والمعاني الجزئية بالتركيب والتحليل فتركب صورة إنسان يطير ، وجبل ياقوت وهذه القوة تسمى متخيلة إن استعملتها القوة الوهمية ، ومتفكرة إن استعملتها القوة الناطقة.
إذا عرفت هذا فنقول الدليل على ثبوت الحس المشترك وجوه : أحدها أنا نحكم على صاحب لون معين بطعم معين فلا بد من حضور هذين المعينين عند الحاكم لكن الحاكم وهو النفس إنما يدرك الجزئيات بواسطة الآلات على ما تقدم فيجب حصولهما معا في آلة واحدة وليس شيء من الحواس الظاهرة لذلك فلا بد من إثبات قوة باطنة هي الحس المشترك وإلى هذا الدليل أشار بقوله الحاكمة بين المحسوسات.
قال : لرؤية القطرة خطا والشعلة دائرة.
أقول : هذا دليل ثان على إثبات الحس المشترك وتقريره أنا نرى القطرة النازلة خطا مستقيما ، والشعلة التي تدار بسرعة دائرة مع أنه ليس في الخارج كذلك ولا في القوة الباصرة لأن البصر إنما يدرك الشيء على ما هو عليه ، ولا النفس لأنها لا تدرك الجزئيات فلا بد من قوة أخرى يحصل بها إدراك القطرة حال حصولها في المكان الأول ثم إدراكها حال حصولها في المكان الثاني ويرتسم الحصول الثاني قبل انمحاء الصورة الأولى عن القوة الشاعرة فتتصل الصورتان في الحس المشترك فترى النقطة كالخط والشعلة كالدائرة.
قال : والمبرسم ما لا تحقق له.
أقول : هذا دليل ثالث على إثبات هذه القوة وتقريره أن صاحب البرسام يشاهد صورا لا وجود لها في الخارج وإلا لشاهدها كل ذي حس سليم فلا بد من قوة ترتسم فيها تلك الصور حال المشاهدة ، وكذا النائم يشاهد صورا لا تحقق لها في الخارج والسبب فيه