ما ذكرناه وقد بينا أن تلك القوة لا يجوز أن تكون هي النفس فلا بد من قوة جسمانية ترتسم فيها هذه الصور.
قال : والخيال لوجوب المغايرة بين القابل والحافظ.
أقول : هذه القوة الثانية المسماة بالخيال وهي خزانة الحس المشترك الحافظة لما يزول عنه بعد غيبوبة الصور التي باعتبارها تحكم النفس بأن ما شوهد ثانيا هو الذي شوهد أولا واستدلوا على مغايرتها الحس المشترك بأن هذه القوة حافظة والحس المشترك قابل والحافظ مغاير للقابل لامتناع صدور الأثرين عن علة واحدة ، ولأن الماء فيه قوة القبول وليس فيه قوة الحفظ فدل على المغايرة وهذا كلام ضعيف بينا ضعفه في كتاب الأسرار.
قال : والوهم المدرك للمعاني الجزئية.
أقول : هذه القوة الثالثة المدركة للمعاني الجزئية وتسمى الوهم وهي مغايرة للنفس الناطقة لما تقدم من أن النفس لا تدرك الجزئيات لذاتها وأشار إليه بقوله الجزئية ، وللحس المشترك لأن هذه القوة تدرك المعاني والحس يدرك الصور المحسوسة وأشار إليه بقوله للمعاني ، وللخيال لأن الخيال شأنه الحفظ والوهم شأنه الإدراك فتغايرا كما قلنا في الحس والخيال وأشار إليه بقوله المدرك.
قال : والحافظة.
أقول : هذه القوة الرابعة المسماة بالحافظة وهي خزانة الوهم ودليل إثباتها كما قلناه في الخيال سواء. وهذه تسمى المتذكرة باعتبار قوتها على استعادة الغائبات ولهم خلاف في أن المتذكرة هي الحافظة أو غيرها.
قال : والمتخيلة المركبة للصور والمعاني بعضها مع بعض.
أقول : هذه القوة الخامسة المسماة بالمتخيلة باعتبار استعمال الحس لها والمتفكرة