قوله ويعرض ثاني القسمين فيهما لأولهما.
قال : وفي حصول المنافي وعدم الشرط دلالة على انتفاء الضدية.
أقول : يريد أن الكم لا تضاد فيه والدليل عليه وجهان : أحدهما أن المنافي للضدية حاصل فلا تكون الضدية موجودة ، بيانه أن أنواع الكم المنفصل يتقوم بعضها ببعض فأحد النوعين إما مقوم لصاحبه أو متقوم به ويستحيل تقوم أحد الضدين بالآخر. وأما المتصل فلأن أحد النوعين إما قابل للآخر كالسطح للخط والجسم للسطح أو مقبول له كالعكس والضد لا يكون قابلا لضده ولا مقبولا له فحصول التقويم والقابلية المنافيان للضدية يقتضي انتفاء الضدية.
الثاني أن الشرط في التضاد مفقود في الكم فلا تضاد فيه. بيانه أن للتضاد شرطين أحدهما اتحاد الموضوع ، الثاني أن يكون بينهما غاية التباعد وهما منتفيان هنا أما عدم اتحاد الموضوع في العدد فلأنه ليس لشيء من العددين موضوع قريب مشترك ، وكذا المتصل فإن الجسم الطبيعي معروض للتعليمي وللسطح بواسطة التعليمي وكذا للخط بواسطة السطح ، وأما عدم كونهما في غاية التباعد فلأنه لا مقدار يوجد إلا ويمكن أن يفرض ما هو أكبر منه أو أصغر فلا غاية في التباعد وكذا العدد.
قال : ويوصف بالزيادة والكثرة ومقابليهما دون الشدة ومقابلها.
أقول : الكم بأنواعه يوصف بأن بعضا منه زائد على بعض آخر فإن الستة أزيد من الثلاثة وكذا الخط الذي طوله عشرة أزيد من الذي طوله خمسة فيصدق عليه وصف الزيادة ومقابلها أعني النقصان لأن الزائد إنما يعقل بالقياس إلى الناقص. وكذا يوصف بالكثرة والقلة ويمتنع اتصافه بالشدة والضعف وبيانه ظاهر فإنه لا يعقل أن خطا أشد من خط آخر في الخطية ، ولا ثلاثة أشد من ثلاثة أخرى في الثلاثية. والفرق بين الكثرة والشدة ظاهر ، وكذا بين الزيادة والشدة فإن الكثرة والزيادة إنما تتحققان بالنسبة إلى أصل موجود لا يتغير فصله بسبب الزيادة ولا حقيقته بخلاف الشدة.