بأمور أعرف منها عند العقل. والرسم إنما يتألف من خواص الشيء وعوارضه ولما كانت العوارض قد تكون عامة وقد تكون خاصة والعام لا يفيد التميز الذي هو أقل مراتب التعريف لم تصلح العوارض العامة للتعريف إلا إذا اختصت بالاجتماع بالماهية المرسومة كما يقال في تعريف الخفاش إنه الطائر الولود ولما لم يوجد لهذا الجنس خاصة تفيد تصوره توصلوا إلى تعريفه بعوارض عدمية كل واحد منها أعم منه لكنها باجتماعها خاصة به فقالوا في تعريفه إنه هيئة قارة لا يتوقف تصورها على تصور غيرها ولا تقتضي القسمة واللاقسمة في محلها اقتضاء أوليا.
فقولنا هيئة يشمل جميع الأعراض التسعة ويخرج عنها الجوهر.
وقولنا قارة يخرج عنه الحركة وما ليس بقار من الأعراض.
وقولنا لا يتوقف تصورها على تصور غيرها يخرج عنه الأعراض النسبية.
وقولنا ولا تقتضي القسمة واللاقسمة في محلها يخرج عنه الكم والوحدة والنقطة.
وقولنا اقتضاء أوليا ليدخل في المحدود العلم بالأشياء التي لا تنقسم فإنه يقتضي اللاقسمة مع أنه من الكيف لأن اقتضاءه لذلك ليس أوليا بل لوحدة المعلوم.
المسألة الثانية
في أقسامه
قال : وأقسامه أربعة.
أقول : الكيف له أنواع أربعة : أحدها الكيفيات المحسوسة كالسواد والحرارة ، الثاني الكيفيات المختصة بذوات الأنفس كالعلوم والإرادات والظنون ، الثالث الكيفيات الاستعدادية كالصلابة واللين ، الرابع الكيفيات المختصة بالكميات كالزوجية والانحناء والاستقامة وغيرها.