هو نفس الماهية أو زائد عليها فقال أبو الحسن الأشعري وأبو الحسين البصري وجماعة تبعوهما أن وجود كل ماهية نفس تلك الماهية.
وقال جماعة من المتكلمين والحكماء أن وجود كل ماهية مغاير لها إلا واجب الوجود تعالى فإن أكثر الحكماء قالوا إن وجوده نفس حقيقته وسيأتي تحقيق كلامهم فيه.
وقد استدل الحكماء على الزيادة بوجوه الأول : أن الوجود مشترك على ما تقدم فإما أن يكون نفس الماهية أو جزءا منها أو خارجا عنها والأول باطل وإلا لزم اتحاد الماهيات في خصوصياتها لما تبين من اشتراكه. والثاني باطل وإلا لم تنحصر أجزاء الماهية بل تكون كل ماهية على الإطلاق مركبة من أجزاء لا تتناهى واللازم باطل فالملزوم مثله بيان الشرطية أن الوجود إذا كان جزءا من كل ماهية فإنه يكون جزءا مشتركا بينها ويكون كمال الجزء المشترك فيكون جنسا فتفتقر كل ماهية إلى فصل يفصلها عما يساويها فيه لكن كل فصل فإنه يكون موجودا لاستحالة انفصال الموجودات بالأمور العدمية فيفتقر الفصل إلى فصل آخر هو جزء منه ويكون جزءا من الماهية لأن جزء الجزء جزء أيضا فإن كان موجودا افتقر إلى فصل آخر ويتسلسل فتكون للماهية أجزاء لا تتناهى
وأما استحالة التالي فلوجوه أحدها أن وجود ما لا يتناهى محال على ما يأتي.
الثاني : يلزم منه تركب واجب الوجود تعالى لأنه موجود فيكون ممكنا هذا خلف.
الثالث : يلزم منه انتفاء الحقائق أصلا لأنه يلزم منه تركب الماهيات البسيطة فلا يكون البسيط متحققا فلا يكون المركب متحققا وهذا كله ظاهر البطلان.
قال : ولانفكاكهما تعقلا.
أقول : هذا هو الوجه الثاني الدال على زيادة الوجود وتقريره أنا قد نعقل الماهية ونشك في وجودها الذهني والخارجي والمعقول مغاير للمشكوك فيه ، وكذلك قد نعقل وجودا مطلقا ونجهل خصوصية الماهية فيكون مغايرا لها.
لا يقال : إنا قد نتشكك في ثبوت الوجود فيلزم أن يكون ثبوته زائدا عليه ويتسلسل.
لأنا نقول : التشكك ليس في ثبوت وجود للوجود بل في ثبوت الوجود نفسه للماهية