قال : وانتفاء الفعل ليس فعل الضد.
أقول : هذا جواب عن سؤال آخر وتقريره أن القادر لا يتعلق فعله بالعدم فلا يتعلق فعله بالوجود أما بيان المقدمة الأولى فلأن الفعل يستدعي الوجود والامتياز وهما ممتنعان في حق المعدوم ، وأما الثانية فلأنكم قلتم القادر هو الذي يمكنه الفعل والترك وإذا انتفى إمكان الترك انتفى إمكان الفعل. وتقرير الجواب أن القادر هو الذي يمكنه أن يفعل وأن لا يفعل وليس لا يفعل عبارة عن فعل الضد.
قال : وعمومية العلة تستلزم عمومية الصفة.
أقول : يريد بيان أنه تعالى قادر على كل مقدور وهو مذهب الأشاعرة وخالف أكثر الناس في ذلك فإن الفلاسفة قالوا إنه تعالى قادر على شيء واحد لأن الواحد لا يتعدد أثره وقد تقدم بطلان مقالتهم.
والمجوس ذهبوا إلى أن الخير من الله تعالى والشر من الشيطان لأن الله تعالى خير محض وفاعل الشر شرير.
والثنوية ذهبوا إلى أن الخير من النور والشر من الظلمة.
والنظام قال : إن الله تعالى لا يقدر على القبيح لأنه يدل على الجهل أو الحاجة.
وذهب البلخي إلى أن الله لا يقدر على مثل مقدور العبد لأنه إما طاعة أو سفه.
وذهب الجبائيان إلى أنه تعالى لا يقدر على عين مقدور العبد وإلا لزم اجتماع الوجود والعدم على تقدير أن يريد الله إحداثه والعبد عدمه.
وهذه المقالات كلها باطلة لأن المقتضي لتعلق القدرة بالمقدور إنما هو الإمكان إذ مع الوجوب والامتناع لا تعلق والإمكان ثابت في الجميع فثبت الحكم وهو صحة التعلق وإلى هذا أشار المصنف ـ رحمهالله ـ بقوله عمومية العلة أي الإمكان تستلزم عمومية الصفة أعني القدرة على كل مقدور.
والجواب عن شبهة المجوس أن المراد من الخير والشرير إن كان من فعلهما فلم لا يجوز