المسألة الخامسة
في أنه تعالى سميع بصير
قال : والنقل دل على اتصافه بالإدراك والعقل على استحالة الآلات.
أقول : اتفق المسلمون كافة على أنه تعالى مدرك واختلفوا في معناه فالذي ذهب إليه أبو الحسين أن معناه علمه تعالى بالمسموعات والمبصرات وأثبت الأشعرية وجماعة من المعتزلة صفة زائدة على العلم.
والدليل على ثبوت كونه تعالى سميعا بصيرا السمع فإن القرآن قد دل عليه وإجماع المسلمين على ذلك إذا عرفت هذا فنقول السمع والبصر في حقنا إنما يكون بآلات جسمانية وكذا غيرهما من الإدراكات وهذا الشرط ممتنع في حقه تعالى بالعقل فإما أن يرجع بالسمع والبصر إلى ما ذهب إليه أبو الحسين وإما إلى صفة زائدة غير مفتقرة إلى الآلات في حقه تعالى.
المسألة السادسة
في أنه تعالى متكلم
قال : وعمومية قدرته تدل على ثبوت الكلام والنفساني غير معقول.
أقول : ذهب المسلمون كافة إلى أنه تعالى متكلم واختلفوا في معناه فعند المعتزلة أنه تعالى أوجد حروفا وأصواتا في أجسام جمادية دالة على المراد وقالت الأشاعرة أنه متكلم بمعنى أنه قام بذاته معنى غير العلم والإرادة وغيرهما من الصفات تدل عليها العبارات وهو الكلام النفساني وهو عندهم معنى واحد ليس بأمر ولا نهي ولا خبر ولا غير ذلك من أساليب الكلام والمصنف ـ رحمهالله ـ حينئذ استدل على ثبوت الكلام بالمعنى الأول بما تقدم من كونه تعالى قادرا على كل مقدور لا شك في إمكان خلق أصوات في أجسام تدل