للمعقولات الأولى ، لأنها لا تعقل إلا عارضة لغيرها من الماهيات وليست متأصلة في الوجود كتأصل الحيوانية والإنسانية فيه ، بل هي تابعة لغيرها في الوجود وليس يمكن وجود شيئية مطلقة فلا شيء مطلقا ثابت إنما الثبوت يعرض للماهيات المخصوصة الشخصية.
المسألة التاسعة عشرة
في تمايز الأعدام
قال : وقد يتمايز الأعدام ولهذا استند عدم المعلول إلى عدم العلة لا غير ، ونافى عدم الشرط وجود المشروط وصحح عدم الضد وجود الآخر بخلاف باقي الأعدام.
أقول : لا شك في أن الملكات متمايزة وأما العدمات فقد منع قوم من تمايزها بناء على أن التميز إنما يكون للثابت خارجا وهو خطأ فإنها تتمايز بتمايز ملكاتها واستدل المصنف ـ رحمة الله ـ عليه بوجوه ثلاثة :
الأول : أن عدم المعلول يستند إلى عدم العلة ولا يستند إلى عدم غيرها فلو لا امتياز عدم العلة من عدم غيرها لم يكن عدم المعلول مستندا إليه دون غيره. وأيضا فإنا نحكم بأن عدم المعلول لعدم علته ولا يجوز العكس فلو لا تمايزهما لما كان كذلك.
الثاني : أن عدم الشرط ينافي وجود المشروط لاستحالة الجمع بينهما لأن المشروط لا يوجد إلا مع شرطه وإلا لم يكن الشرط شرطا وعدم غيره لا ينافيه فلو لا الامتياز لم يكن كذلك.
الثالث : أن عدم الضد عن المحل يصحح وجود الضد الآخر فيه لانتفاء صحة وجود الضد الطاري مع وجود الضد الباقي وعدم غيره لا يصحح ذلك فلا بد من التمايز.
قال : ثم العدم قد يعرض لنفسه فيصدق النوعية والتقابل عليه باعتبارين.
أقول : العدم قد يفرض عارضا لغيره وقد يلحظ لا باعتبار عروضه للغير فيكون أمرا معقولا قائما برأسه ويكون له تحقق في الذهن ثم إن العقل يمكنه فرض عدمه لأن الذهن