الأول : العقل إذا لحظ الماهية الممكنة وأراد حمل الوجود أو العدم عليها افتقر في ذلك إلى العلة وإن لم ينظر شيئا آخر سوى الإمكان والتساوي إذ حكم العقل بالتساوي الذاتي كاف في الحكم بامتناع الرجحان الذاتي فاحتاج إلى العلة من حيث هو ممكن وإن لم يلحظ غيره ولو فرضنا حادثا وجب وجوده وإن كان فرضا محالا فإن العقل يحكم بعدم احتياجه إلى المؤثر فعلم أن علة الحاجة إنما هي الإمكان لا غير.
الثاني : أن الحدوث كيفية للوجود فيتأخر عنه تأخرا ذاتيا والوجود متأخر عن الإيجاد والإيجاد متأخر عن الاحتياج والاحتياج متأخر عن علة الاحتياج فلو كان الحدوث علة الحاجة لزم تقدم الشيء على نفسه بمراتب وهو محال.
المسألة الثلاثون
في أن الممكن محتاج إلى المؤثر
قال : والحكم باحتياج الممكن ضروري.
أقول : اختلف الناس هنا فقال قوم إن هذا الحكم ضروري أعني أن احتياج الممكن لا يحتاج إلى برهان فإن كل من تصور تساوي طرفي الممكن جزم بالضرورة أن أحدهما لا يترجح من حيث هو متساو أعني من حيث ذاته بل من حيث إن المرجح ثابت وهذا الحكم قطعي لا يقع فيه شك
وقال آخرون إنه استدلالي وهو خطأ وسبب غلطهم أنهم لم يتصوروا الممكن على ما هو عليه.
المسألة الحادية والثلاثون
في وجوب الممكن المستفاد من الفاعل
قال : ولا تتصور الأولوية لأحد الطرفين بالنظر إلى ذاته.
أقول : قد بينا أن الممكن من حيث هو هو لا باعتبار وجود علته أو عدمها فإن وجوده