حالان تحصلان عند اعتبار الماهية مع الغير أما عند اعتبارها لا مع الغير فإنها تقبل أحدهما لا بعينه وهذا الامتناع امتناع لاحق بشرط المحمول.
قال : ثم الإمكان قد يكون آلة في التعقل وقد يكون معقولا باعتبار ذاته
أقول : كون الشيء معقولا ينظر فيه العقل ويعتبر فيه وجوده ولا وجوده غير كونه آلة للتعقل ولا ينظر فيه حيث ينظر فيما هو آلة لتعقله بل إنما ينظر به مثلا العاقل يعقل السماء بصورة في عقله ويكون معقوله السماء لا ينظر حينئذ في الصورة التي بها يعقل السماء ولا يحكم عليها بحكم بل يعقل أن المعقول بتلك الصورة هو السماء وهو جوهر ثم إذا نظر في تلك الصورة وجعلها معقولا منظورا إليها لا آلة في النظر إلى غيرها وجدها عرضا موجودا في محل هو عقله.
إذا ثبت هذا فنقول الإمكان كآلة للعاقل بها يعرف حال الممكن في أن وجوده على أي أنحاء العروض يعرض للماهية ولا ينظر في كون الإمكان موجودا أو معدوما أو جوهرا أو عرضا أو واجبا أو ممكنا ثم إذا نظر في وجوده أو إمكانه أو وجوبه أو جوهريته أو عرضيته لم يكن بذلك الاعتبار إمكانا لشيء بل كان عرضا في محل هو العقل وممكنا في ذاته ووجوده غير ماهيته فالإمكان من حيث هو إمكان لا يوصف بكونه موجودا أو غير موجود أو ممكنا أو غير ممكن وإذا وصف بشيء من ذلك لا يكون حينئذ إمكانا بل يكون له إمكان آخر يعتبره العقل والإمكان أمر عقلي فمهما اعتبر العقل للإمكان ماهية ووجودا حصل فيه إمكان إمكان ولا يتسلسل بل ينقطع عند انقطاع الاعتبار. وهكذا حكم جميع الاعتبارات العقلية من الوجوب والشيئية والحدوث وغيرها من ثواني المعقولات.
قال : وحكم الذهن على الممكن بالإمكان اعتبار عقلي فيجب أن تعتبر مطابقته لما في العقل.
أقول : قد تقدم مواضع اعتبار المطابقة وعدمها والإمكان إذا اعتبر فيه المطابقة فيجب أن يكون مطابقا لما في العقل لأنه اعتبار عقلي على ما تقدم.