المسألة الثالثة والأربعون
في أن الحكم بحاجة الممكن إلى المؤثر ضروري
قال : والحكم بحاجة الممكن ضروري وخفاء التصديق لخفاء التصور غير قادح.
أقول : كل عاقل إذا تصور الممكن ما هو والاحتياج إلى المؤثر حكم بنسبة أحدهما إلى الآخر حكما ضروريا لا يحتاج معه إلى برهان وخفاء هذا التصديق عند بعض العقلاء لا يقدح في ضروريته لأن الخفاء في الحكم يسند إلى خفاء التصور لا لخفائه في نفسه ولهذا إذا مثل للمتشكك في هذه القضية حال الوجود والعدم بالنسبة إلى الماهية بحال كفتي الميزان وأنهما كما يستحيل ترجح إحدى الكفتين على الأخرى بغير مرجح كذلك الممكن المتساوي الطرفين حكم بالحاجة إلى المؤثر.
قال : والمؤثرية اعتبار عقلي.
أقول : هذا جواب عن سؤال أورده بعض المغالطين على احتياج الممكن إلى المؤثر.
وتقرير السؤال : أن الممكن لو افتقر إلى المؤثر لكانت مؤثرية المؤثر في ذلك الأثر إن كانت وصفا ثبوتيا في الذهن من غير مطابقة الخارج لزم الجهل ، ولأنها ثابتة قبل الذهن ويستحيل قيام صفة الشيء بغيره ، وإن كانت بمطابقة الخارج أو كانت ثابتة في الخارج مغايرة للمؤثر والأثر لأنها نسبة بينهما لزم التسلسل وهو محال وبتقدير تسليمه فهو غير معقول لأن التسلسل إنما يعقل لو فرضنا أمورا متتالية إلى غير النهاية وذلك يستدعي كون كل واحد منها متلوا بصاحبه وإنما يكون متلوا بصاحبه لو لم يكن بينه وبين متلوه غيره لكن ذلك محال لأن تأثير المتلو في التالي متوسط بينهما وقد كان لا متوسط هذا خلف وليست المؤثرية عدمية لأنها نقيض اللامؤثرية المحمولة على المعدوم والمحمول على المعدوم عدم ونقيض العدم ثبوت فالمؤثرية ثبوتية.
وتقرير الجواب : أن المؤثرية أمر إضافي يثبت في العقل عند تعقل صدور الأثر عن