غير مقتضية وإن اقتضت أهي تقتضي نفسها أم غيرها فإن اقتضت نفسها فذلك سفسطة وإن اقتضت غيرها أفهو موجود أو حال أو جهة لا توصف بالوجود والعدم والكلام على الأمرين ظاهر فقد تكلمنا على ذلك في مسألة الحال بما فيه مقنع ونقول هاهنا إن سلم مسلم كون العلم علة العالمية في الشاهد وألزم الطرد والعكس حتى إذا ثبت العلم وجب كون المحل عالما وإذا ثبت كون المحل عالما لزم وجود العلم.
أجاب بأن الطرد والعكس شاهدا وغائبا إنما يلزم بعد تماثل الحكمين من كل وجه لا من وجه دون وجه والخصم ليس يسلم تماثل الحكمين أعني عالمية الباري تعالى وعالمية العبد بل لا تماثل بينهما إلا في اسم مجرد وذلك أن العلمين إنما يتماثلان إذا تعلقا بمعلوم واحد والعالميتان كذلك ومن المعلوم الذي لا مرية فيه أن عالمية الغائب وعالمية الشاهد لا يتماثلان من كل وجه بل هما مختلفان من كل وجه فكيف يلزم الطرد والعكس والإلحاق والجمع أليس لو ألزم طرد حكم للعالمية في الغائب من تعلقها بمعلومات لا تتناهى وحكم القادرية في الغائب من صلاحية الإيجاد والتعلق بالمقدورات التي لا تتناهى إلى غاية حتى يحكم على ما في الشاهد بذلك لم يلزم فلذلك احتياج العالمية في الشاهد إلى علة لا يستدعي طرده في الغائب فإذا لا تعويل على الجمع بين الشاهد والغائب بطريق العلة والمعلول بل إن قام دليل في الغائب على أنه عالم بعلم قادر بقدرة فذلك الدليل مستقل بنفسه غير محتاج إلا ملاحظة جانب الشاهد.
ومن الجمع بين الشاهد والغائب الشرط والمشروط قالت الصفاتية : ألستم وافقتمونا على أن الشرط وجب طرده شاهدا وغائبا فإن كون العالم عالما لما كان مشروطه بكونه حيا في الشاهد وجب طرده في الغائب حتى إذا ثبت كونه حيا بهذا الطريق كذلك في العلم وأنتم ما فرقتم في الشرط بين الجائز والواجب لذلك يلزمكم في العلم أن لا تفرقوا في العلة بين الجائز والواجب وهذا لازم على المعتزلة غير أن لهم ولغيرهم طريقا آخر في إثبات كونه تعالى حيا بدون الشرط فإن الحياة بمجردها لم تكن شرطا في الشاهد ما لم ينضم إليها شرط آخر فإن البيّنة على أصلهم شرط في الشاهد ثم لم يجب طرده في الغائب وانتفاء الأضداد شرط حتى يتحقق العلم ويجوز أن يكون المعنى الواحد شرطا لمعان كثيرة ويجوز أن تكون شروط كثيرة لمعنى واحد وبهذا يتحقق التمايز بين الشرط والعلة فلا يلزم الشرط على القوم ولكن يلزم على كل من قال بالعلة والمعلول والشرط والمشروط سؤال التقدم والتأخر بالذات وإن كانا متلازمين في الوجود فإن العلة إنما صارت مقتضية للحكم لاستحقاقها التقدم عليه بذاته والمعلول إنما صار مقتضيا للعلة لاستحقاقه التأخر عنها بذاته وبهذا أمكنك أن