صورة المحسوس فيها كذلك إذا ارتفعت المادة يتبين الشيء المعقول في الذهن والعقل وإذا تبين المعقول ارتفعت الحجب كلها وكلا الوجهين صحيح إما أن يكون أحدهما عين الثاني حتى يكون إطلاقا بالترادف وذلك خطأ ظاهر وما ذكرتموه من تفريع مذهبكم على هذه القاعدة نتكلم عليها بعد هذه المسألة إن شاء الله تعالى ونقول إذا كان الوجود من حيث هو وجود يعم الواجب والممكن فالذات القائم بالنفس من حيث إنه ذات قائم بالنفس يعم الواجب والممكن فما الذي يخص الواجب من أمر وراء ذاته حتى يتميز عن سائر الذوات فإن لم يكن له ما يخصه فليس له ما يعمه وإن كان التخصيص وقع بالذات فهلا قلتم وقع التخصيص بالوجود دون الوجوب وإن وقع التخصيص بأمر دون أمر فذلك الأمر الذي خصص وعين هو الصفة عندنا إلا أنا بحكم الشرع أطلقنا اسم العلم والقدرة والإرادة على ذلك وأنتم ما خالفتمونا في العلم والقدرة بل قلتم هو تعالى عالم لذاته وذاته علم وإن كان الذات من حيث هو ذات شاملا شمول الوجود والتخصيص إنما يقع بأمر وصفة وبالجملة كل أمر عام وجودي إذا تخصص فإنما يتخصص بأمر خاص وجودي فيلزم هناك اثنينية من المعنى عام وخاص وسواء كان العام جنسا والخاص فصلا وسواء لم يكن الأمر كذلك.
فإن قيل : قد يتخصص الشيء بالفصول السلبية والسلب لا يوجب الاثنينية.
قيل هذا خطأ وقع للمنطقيين منكم حيث ظنوا أن السلب يجوز أن يكون فصلا ذاتيا.
والبرهان على استحالة ذلك أن الفصل لا يتحقق ما لم يتحقق في المفصول اشتراك ما في أعم وصف فيكون الفصل أعني ما به تميز عن غيره من المشتركات أخص وصف الشيء والشيء إنما يتميز عن غيره بأخص وصفه وسلب صفة وشيء آخر عنه وبما يطلقه على أخص وصفه لا أن يكون نفسه أخص وصفه.
فلما ضاق على بعض الفلاسفة التعبير عن الفصول الذاتية بعبارات ناصة عليها أوردوا فصولا سلبية على أن تطلع الطالب على نفس المطلوب ظن بعضهم أن السلوب تصلح أن تكون فصولا ذاتية وذلك خطأ بيّن ثم ارتكبوا على مقتضى ذلك أن جعلوا وجوب الوجود أمرا سلبيا وفصلوا به ذات واجب الوجود عن سائر الذوات ولم يفطنوا لإمكان الوجود الذي في مقابلة وجوب الوجود أنه يلزم أن يكون فصلا إيجابيا ويا ليت شعري كيف يتأكد الوجوب بالسلب وكيف يضعف الوجود بالإيجاب وكيف يكون سلب الغير تأكيدا لذات الوجود الواجب وإيجاب الذات لا يكون تأكيدا وبالجملة كلما يتميز عن غيره فإنما يتميز بأخص وصفه وأخص وصف