تعلق أو تجدد حال له لقدمه والقدم لا يتغير ولا يتجدد له حال وإضافة العلم الأزلي إلى الكائنات فيما لا يزال كإضافة الوجود الأزلي إلى الكائنات الحاصلة في الأوقات المختلفة وكما لا تغير ذاته بتغير الأزمنة لا يتغير علمه تتجدد المعلومات ، فإن العلم من حقيقته أن يتبع المعلوم على ما هو به من غير أن يكتسب منه صفة ولا يكسبه صفة والمعلومات وإن اختلفت وتعددت فقد تشاركت في كونها معلومة ولم يكن اختلافها لتعلق العلم بها بل اختلافها لأنفسها وكونها معلومة ليس إلا تعلق العلم بها وذلك لا يختلف وكذلك تعلقات جميع الصفات الأزلية فلا نقول يتجدد عليها حال بتجدد حال المتعلق فلا نقول الله تعالى يعلم العدم والوجود معا في وقت واحد فإن ذلك محال بل يعلم العدم في وقت العدم ويعلم الوجود في وقت الوجود والعلم بأن سيكون هو بعينه علم بالكون في وقت الكون إلا أن من ضرورة العلم بالوجود في وقت الوجود العلم بالعدم قبل الوجود ويعبر عنه بأنه علم بأن سيكون.
والذي يوضح الحق في ذلك هو أنا لو علمنا قدوم زيد غدا بخبر صادق أو غيره وقدرنا بقاء هذا العلم على مذهب من يعتقد جواز البقاء عليه ثم قدم زيد ولم يحدث له علم بقدومه لم يفتقر إلى علم آخر بقدومه إذا سبق له العلم بقدومه في الوقت المعين ، وقد حصل ما علم وعلم ما حصل إذ لو قدرنا أنه لم يتجدد له علم ولم تتجدد له غفلة وجهل استحال أن يقال لم يعلم قدومه بل يجب أن يقال تنجز ما كان متوقعا وتحقق ما كان مقدرا وحصل ما كان معلوما.
وقولهم : إن الإنسان يجد تفرقة بين حالتيه قبل قدومه وحال قدومه فتلك التفرقة ترجع إلى تجدد العلم فليس ذلك على الإطلاق بل يرجع في حق المخلوقين إلى إحساس وإدراك لم يكن فكان وفي حق الخالق لا تفرقة بين المقدر والمحقق والمنجز والمتوقع بل المعلومات بالنسبة إلى علمه تعالى على وتيرة واحدة وقال هذا العلم المتجدد يحصل عندكم قبل الوجود المتجدد بلحظة فإذا تقدمه بلحظة كان أيضا علما لما سيكون لا علما بالكائن فهو والعلم الأزلي بما سيكون سواء وإذا جاز تقدمه جاز قدمه.
ثم ألزم عليهم إلزام لا محيص لهم عنه وهو أن هذه العلوم المتجددة هل هي معلومة قبل كونها موجودة أم ليس يتعلق العلم بها فإن كانت معلومة أفبعلم الأزلي وعالميته أم بعلوم أخر سبقتها قبل وجودها فإن كان الأول فجوابنا عن الكائنات في كونها معلومة بعلم الأزل جوابكم عن العلوم المتجددة وإن كان الثاني فكانت محتاجة إلى علوم أخر والكلام في تلك العلوم كالكلام في هذه ويؤدي إلى التسلسل وقد ألزم أصحاب الإرادات الحادثة لا في محل هذا الإلزام واعتذروا بأن قالوا الإرادة لا تراد