والطير ، كما أجرى على ذراع الشاة «لا تأكل مني فإني مسموعة» (١).
وأما نسبة صاحب هذه المقالة إلى الفلاسفة والتشنيع عليه بأنه يؤدي إلى كون النفس جوهرا روحانيا غير جسم وأن الخطاب يتوجه عليه وأن الثواب والعقاب له فهو سؤال لا يستحق الجواب والمعاني العقلية إذا لاحت حسية كالشمس وجب اعتقادها ولزم اعتقالها من غير التفات إلى مذهب دون مذهب وقد قالت الفلاسفة النفس الإنساني عندنا بالمعنى الذي يشترك فيه الإنسان والحيوان والنبات أنه كمال أول لجسم طبيعي متحرك آلي ذي حياة بالقوة وبالمعنى الذي يشترك فيه الإنسان والملك أنه جوهر غير جسم هو كمال أول لجسم طبيعي محرك له بالاختيار عن مبدأ نطقي عقلي بالفعل وبالقوة فالذي بالفعل هو خاصة النفس الملكية والذي بالقوة هو فصل النفس الإنساني فالنطق فصل ذاتي على كل حال سواء كان بالقوة والاستعداد أو كان بالفعل والوجود ومن عدم المعنيين كان فصله الذاتي عجمة إما صاهل أو ناهق أو هادر أو فصل آخر.
قالوا ولا بد من إثبات النفس وإثبات جوهريته أولا حتى يصح إثبات النطق العقلي له ثانيا والأشعري إن وافق المعتزلة على أن نفي الروح والنفس جوهرا بلا عرض ولا يبقي زمانيين وهو الحياة فقط فهو كالمعتزلي إذا وافق الطبيعي منا على أن النفس ليس جوهرا روحانيا لا يقبل الاستحالة بل هو جسم قابل للكون والفساد وعرض تابع للمزاج ولا فرق بين قولهم مستحيل أي متغير حالا فحالا وبين قولهم لا يبقى زمانين أي موجود حالا فحالا.
وأما الفلاسفة الإلهيون فقد دلوا على وجود النفس من جهة إدراكها ومن جهة أحوالها أما الأفعال فأخص أفعالها بعد خروجها عن حد الاستعداد والانفعال التردد بين القضايا العقلية طلبا للدليل على المدلول وعثورا على العلة المقتضية للوجود أعني وجود المطلوب أو الاعتقاد بالوجود حتى يرد الثواني إلى الأوائل والثوالث إلى الثواني ويستدل بأمر خاص في ذهنه على أمر مستحضر ويتوصل بمعنى حاصل إلى معنى مستحصل وذلك من أخص أفعال النفس الإنسانية ليس لغيرها فيه نصيب وشركة
__________________
(١) انظر : مقالات الإسلاميين للأشعري (ص ٦٠٦) ، والإبانة له (ص ٧٧) ، وأعلام النبوة للماوردي (ص ١٩٥) ، وتبيين كذب المفتري للعسكري (ص ٢٩) ، والحديث رواه البخاري (٢ / ٩٢٣) ، ومسلم (٤ / ١٧٢١) ، والحاكم في المستدرك (٣ / ٢٤٢) (٤ / ١٢٢) ، وقوام السنة في دلائل النبوة (ص ٢١٥).