قال الأشعرية الجواب عن الاعتراض الأول أن طلب المصحح لم يختص بنا ، فإنكم جعلتم اللون والمتلون مصححا ، وذلك أن الرؤية لما تعلقت ببعض الموجودات وذلك نوعان؛ نوع من الأعراض ونوع من الجواهر فصح كون الجوهر والعرض مرئيا فقلنا ما المصحح لهذه الصحة؟ أهو كون الجوهر جوهرا فلزم أن لا يكون العرض مرئيا أو كون العرض عرضا فلزم أن لا يكون الجوهر مرئيا فلا بد إذا من قضية واحدة جامعة بينهما شاملة لهما حتى تتكون الصحة معللة لها ؛ إذ الصحة حكم هو قضية واحدة فلا يكون مصححها علتان مختلفتان فإن اختلاف العلتين يوجب اختلاف الحكمين في العقليات ولما تعلقت الرؤية بمختلفات وجب علينا طلب العلة التي لأجلها صح تعلقها بها ولا بدّ أن يكون السبب المصحح قضية تجمعهما لا كاللون والمتلون فإنهما قضيتان مختلفتان اختلاف الجنس والجنس والنوع والنوع ومن المحال ربط حكم واحد بعلتين مختلفتين فإن العلة العقلية لا بدّ أن تستقل بإفادة الحكم فإن استقل أحد المختلفين استغنى الحكم عن الثاني فطلبنا العلة لأن الرؤية تعلقت بمختلفين وجعلنا العلة قضية واحدة تشملها لاتحاد الحكم وهو الصحة فصح الطلب وحصل المطلوب.
وأما الجواب عن الاعتراض الثاني وهو إلزام الحال على مذهب أبي الحسن ، وإبطال الاشتراك والافتراق على نفي الحال.
قال القاضي أبو بكر الذي ذكرته دليلي وأنا قائل بالحال فسقط الاعتراض.
وقال أبو الحسن : القضايا العقلية والوجوه الاعتبارية لا ينكرها منكر ولسنا ممن لا يجمع بين مختلفين ولا يفرق بين مجتمعين ولا يقول بوجه ووجه وحيث وحيث واعتبار واعتبار فإن الحركة إذا قامت بمحل وصف المحل بكونه متحركا فهي من حيث إنها حركة وباعتبار أنها حركة أوجبت كون المحل متحركا وهي باعتبار أنها كون لها حكم آخر وباعتبار أنها عرض له حكم آخر ولو رفعنا هذه الاعتبارات انحسم باب النظر وانحصر نظر العقل على موجودات معينة وبطلت الاعتبارات بأسرها ولما قطعنا بأن الرؤية تعلقت بجنسي العرض والجوهر عرفنا أن الصحة على قضية واحدة وإنما نعني بالصحة صلاحية كل جنس لتعلق الرؤية فتلك الصلاحية صحتها على نعت واحد وإنما العلة المقتضية لتلك الصلاحية يجب أن تكون على نعت واحد والوجود وإن اختلف بالنسبة إلى المختلفات غير أنه في العقل والتصور معنى واحد يشمل القسمين فصح أن يكون مناطا للحكم وهذا كما قررناه في الجمع بين الشاهد والغائب بالشرط والمشروط والعلة والمعلول والدليل والمدلول والحقيقة والمحقق.
وأما الجواب عن الاعتراض الثالث وهو إجمال القول في تعلق الرؤية بالجوهر