على الصلاح ، فلا معنى للأصلح ولا نهاية له ولا يمكن في العقل رعايته.
ثم للمعتزلة في الآلام وأحكامها كلام وهو على مذهب الأشعري لا تقع مقدورة لغير الله وإذا وقعت كان حكمها الحسن سواء وقعت ابتداء أو وقعت جزاء من غير تقدير سبق استحقاق عليها ولا تقدير جلب نفع ولا دفع ضرر أعظم منها بل المالك متصرف في ملكه كما شاء سواء كان المملوك بريئا أو لم يكن بريئا ومن صار من الثنوية إلى أن الآلام والأوجاع والغموم منسوبة إلى الظلمة من دون النور فقد سبق الرد عليهم ومن نسبها إلى أعمال سبقت لغير هذا الشخص فهو مذهب التناسخية فقد سبق الرد عليهم بقي استرواح العقلاء إلى أهل العادة يستقبحون الآلام من غير سبق جناية والآلام مما يأباه العقل وإذا اضطر إليه رام الخلاص منه فدل ذلك على قبحه ونحن لا ننازعهم في أن الآلام ضرر وتأباه النفوس وتنفر منه الطباع ولكن كثيرا من الآلام مما ترضاه النفوس وترغب إليه الطباع إذا كان ترجو فيها صلاحا هو أولى بالرعاية مثل الحجامة والصبر على شرب الدواء رجاء للشفاء ونرى كثيرا إيلام الصبيان والمجانين وشرط العوض فيه يزيد في قبحه والمالك قادر على التفضل بحسن العوض عالم بأن الصلاح في الإيلام ، وبالجملة هو المتصرف في ملكه له التصرف مطلقا كما شاء يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
وللفريقين : في التوفيق والخذلان والشرح والطبع وأمثالها كلام على طرفي الغلو والتقصير والحق بينهما دون الجائز منهما.
قالت المعتزلة : التوفيق من الله تعالى إظهار الآيات في خلقه الدالة على وحدانيته وإبداع العقل والسمع والبصر في الإنسان وإرسال الرسل وإنزال الكتب لطفا منه تعالى وتنبيها للعقلاء من غفلتهم وتقريبا للطرق إلى معرفته وبيانا للأحكام تمييزا بين الحلال والحرام ، وإذ فعل ذلك فقد وفق وهدى وأوضح السبيل وبين المحجة وألزم الحجة وليس يحتاج في كل فعل ومعرفة إلى توفيق مجرد وتسديد منجز بل التوفيق عام وهو سابق على الفعل والخذلان لا يتصور مضافا إلى الله تعالى بمعنى الإضلال والإغواء ، والصد عن الباب ، وإرسال الحجاب على الألباب إذ يبطل التكليف به ويكون العقاب ظلما.
قالت الأشعرية : التوفيق والخذلان ينتسبان إلى الله تعالى نسبة واحدة على جهة واحدة ، فالتوفيق من الله تعالى خلق القدرة الخاصة على الطاعة والاستطاعة إذا كانت عنده مع الفعل وهي تتجدد ساعة فساعة ، فلكل فعل قدرة خاصة والقدرة على الطاعة صالحة لها دون ضدها من المعصية فالتوفيق خلق تلك القدرة المتفقة مع الفعل والخذلان خلق قدرة المعصية ، وأما الآيات في الخلق فنسبتها إلى الموفق كنسبتها إلى المخذول والقدرة الصالحة للضدين أعني الخير والشر إن كانت توفيقا بالإضافة إلى