الخير فهي خذلان بالإضافة إلى الشر (١).
والقصد بين الطريقتين أن يقسم التوفيق قسمة عموم وخصوص على عموم الخلق وخصوصهم فعموم الخلق في توفيق الله تعالى الشامل لجميعهم وذلك نصب الأدلة والأقدار والاستدلال وإرسال الرسل وتسهيل الطرق لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وخصوص الخلق في توفيق الله الخاص لمن علم منه الهداية وإرادته الاستقامة ، وذلك أصناف لا تحصى وألطاف لا تستقصي تبتدئ من كمال الاعتدال في المزاج أحدهما من جهة الطبيعة طينا ، والثاني من جهة الشريعة خلالا ، وهذا في النطفة الحاصلة من الأبوين وعلتها النقش الأول من السعادة والشقاوة كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «السعيد من سعد في بطن أمه ، والشقي من شقي في بطن أمه» (٢) ، ثم التربية من الأبوين أو من الأستاذ أو من المعلم أو من أهل البلد وذي القرابة والخلطة معونة أخرى قوية حتى ربما يغير الاعتدال من النقص إلى الكمال وعن الكمال إلى النقص وعلة النقش الثاني من الفطرة والاحتيال كما قال عليهالسلام : «فطر الله العباد على معرفته فاحتالتهم الشياطين عنها ، وقال : كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» (٣) ، ثم الاستقلال بحالة البلوغ وكمال العقل يحتاج إلى قوى استمداد من التوفيق وذلك مزلة الأقدام ومجرة الأقلام فالتوفيق فيها من الله أن لا يكله إلى نفسه مما هي عليها من الاستقلال والاستبداد والخذلان أن يخذله ويكله إلى نفسه وحوله وقوته وعن هذا كان التبرؤ من الحول والقوة بقولهم «لا حول ولا قوة إلا بالله» واجبا في كل حال وذلك مطردة الشياطين إذ يدخل احتيال الشيطان تغريره بحوله وقوته والفطرة هي الاحتياج إلى الله تعالى والتسليم لله والتوكل على الله إذ لا حول ولا
__________________
(١) انظر : مرهم العلل المضلة لليافعي (ص ١٦٤).
(٢) انظر : تعليق أهل العلم على الحديث في : شفاء العليل لابن قيم (ص ٢١) ، والفرق بين الفرق للبغدادي (ص ١٣٤ ، ١٣٥ ، ٣٠٤) ، والملل والنحل للشهرستاني (١ / ٥٧) ، والتعرف لمذهب التصوف للكلاباذي (ص ٦١) ، والاعتقاد للبيهقي (ص ١٣٩ ، ١٤٠) ، والحديث رواه الطبراني في الأوسط (٣ / ١٠٧) (٨ / ٢٢٣) ، وفي الصغير (٢ / ٥٦) ، والبيهقي في الاعتقاد (ص ١٣٩ ، ١٤٠) ، واللالكائي في اعتقاد أهل السنة (٤ / ٥٩٦).
(٣) صحيح : رواه البخاري (١ / ٤٦٥) ، ومسلم (٤ / ٢٠٤٧ ، ٢٠٤٨) ، وأبو داود (٤ / ٢٢٩ ، ٢٣٠) ، ومالك في الموطأ (١ / ٢٤١) ، وأحمد في المسند (٢ / ٢٧٥ ، ٢٩٢ ، ٣١٥) ، وابن حبان (١ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠) ، والترمذي (٤ / ٤٤٧) ، والبيهقي في الكبرى (٦ / ٢٠٣) ، وابن أبي شيبة في المصنف (٦ / ٤٨٤) ، وعبد الرزاق في المصنف (٣ / ٥٣٣).