قوة إلا بالله وذلك كنز من كنوز الجنة وهذه الحالة أعني حالة البلوغ والاستقلال هي مثار القوى الحيوانية منها الغضبية والشهوية قال الصديق الأول يوسف عليهالسلام (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) ٥٣ [يوسف : ٥٣] ، وذلك عند مثار القوى الشهوية ووكز الكليم عليهالسلام ذلك القبطي فقضى عليه فقال : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) [القصص : ١٥] ، وذلك عند مثار القوة الغضبية وتبرأ الرسولصلىاللهعليهوسلم من القوتين جميعا فقال في كل حال «اللهم واقية كواقية الوليد» «رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين» وعلى هذه الحالة النفس الثالثة وهي تمتد إلى آخر العمر فلا تزيده مواعظ الشرع ترغيبا وترهيبا ولا تجانبه مواقع التقدير تنبيها وتحذيرا فإن انفتح سمعه لمواعظ الشرع وبصره لمجاري التقدير انشرح صدره وصار على نور من ربه فذلك الشرح والبسط (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) [الزمر : ٢٢] ، وإن جعل إصبعه في أذنيه فلم يسمع الآيات الأمرية وأسبل جفنه على عينيه فلم يبصر الآيات الخلقية صار على ظلمة من طبعه وذلك الطبع والختم (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) [النساء : ١٥٥] ، (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) [البقرة: ٧] ، وربما يكون الختم والطبع من قساوة في جوهر جبلية اكتسبها من أصل فطرته وربما يكون على كفره ونفاق آثره على خلاف فطرته فالتقدير مصدر والتكليف مظهر والكل مقدر والمقدر ميسر لما خلق له فالحاصل أن الموكول إلى حوله وقوته في خذلان الله تعالى والمتوكل على حول الله وقوته في توفيق الله تعالى فعلى رأي القدرية العبد أبدا في الخذلان إذ هو موكول إلى حوله وقوته ولم يستعن بالله ولم يتوكل على الله.
وعلى رأي الجبرية العبد أبدا في الخذلان إذ هو خاذل نفسه عن امتثال أمر الله تعالى لم يعبد الله ولم يحفظ حدود الله تعالى.
والحق الذي لا غبار عليه (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [الفاتحة : ٥] ، محافظة على العبودية (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : ٥] ، استعانة بالربوبية والتوفق والخذلان والشرح والطبع والفتح والختم والهداية والضلال ينتسب إلى الله تعالى بشرط أن يكون أحق الاسمين به أحسن الاسمين (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) [الأعراف :