فأولئك مآلهم إلى النار خالدين فيها وهؤلاء مآلهم إلى الجنة خالدين فيها والدليل عليه الاستثناء في آخر الآية.
القول في الإمامة اعلم أن الإمامة ليست من أصول الاعتقاد بحيث يفضي النظر فيها إلى قطع ويقين بالتعين ولكن الخطر على من يخطئ فيها يزيد على الخطر عل من يجهل أصلها والتعسف الصادر عن الأهواء المضلة مانع من الإنصاف فيها.
وقد قال جمهور أصحاب الحديث من الأشعرية والفقهاء وجماعة الشيعة والمعتزلة وأكثر الخوارج بوجوبها فرضا من الله تعالى ثم جماعة أهل السنة قالوا هو فرض واجب على المسلمين إقامته واتباع المنصوب فرض واجب عليهم إذ لا بدّ لكافتهم من إمام ينفذ أحكامهم ويقيم حدودهم ويحفظ بيضتهم ويحرس حوزتهم ويعبئ جيوشهم ويقسم غنائمهم وصدقاتهم ، ويتحاكموا إليه في خصوماتهم ومناكحاتهم ويراعي فيه أمور الجمع والأعياد وينصف المظلوم وينتصف من الظالم وينصب القضاة والولاة في كل ناحية ويبعث القراء والدعاة إلى كل طرف وأما العلم والمعرفة والهداية فهي حاصلة للعقلاء بنظرهم الثاقب وفكرهم الصائب ومن زاغ عن الحق وضل عن سواء السبيل فعلى الإمام تنبيهه على وجه الخطأ وإرشاده إلى الهدى فإن عاد وإلا فينصب القتال ويطهر الأرض عن البدعة والضلال بالسيف الذي هو بارق سطوة الله تعالى وشهاب نقمته وعقبة عقابه وعذبة عذابه.
والدليل الساطع على وجوب الإمامة سمعا اتفاق الأئمة بأسرهم من الصدر الأول إلى زماننا أن الأرض لا يجوز أن تخلو عن إمام قائم بالأمر.
أما المصدر الأول فقد قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته قبل البيعة أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وتلا هذه الآية (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) [آل عمران : ١٤٤] ، ثم قال وإن محمدا قد مضى بسبيله ولا بدّ لهذا الأمر من قائم يقوم به فانظروا وهاتوا آراءكم رحمكم الله فناداه الناس من كل جانب صدقت يا أبا بكر ولكنا نصبح وننظر في هذا الأمر ونختار من يقوم به ولم يقل أحد إنّ هذا الأمر يصلح من غير قائم به ثم كان من أمر الأنصار من اختيار سعد بن عبادة وقولهم منا أمير ومنكم أمير قام أبو بكر وعمر رضي الله عنهما مع جماعة من المهاجرين يقصدون سقيفة بني ساعدة وقال عمر كنت أزور في نفسي كلاما في الطريق حتى وافينا السقيفة هممت أن أتكلم به فقام أبو بكر وقال مه يا عمر وذكر جميع ما كنت أزوره إلا أنه كان ألين وكنت