موجب في النصب على الإمام حتى يصير إماما ويجب عليه طاعته إذا قام بالإمامة فهو إنما صار إماما بإقامته فكيف صار واجب الطاعة بإمامته والثاني أن كل واحد من المجتهدين الناصبين للإمامة لو خالف الإمام في المسائل الاجتهادية باجتهاده جاز له ذلك وما من مسألة فرضتم وجوب الطاعة له فيها إلا ويجوز المخالفة له فيها باجتهاده فكيف نجعله إماما واجب الطاعة بشرط أن يخالفه إذا أدى إلى المخالفة اجتهاده.
قالوا : فدل هذا كله على أن الإمامة غير واجبة في الشرع نعم لو احتاجوا إلى رئيس يحمي بيضة الإسلام ويجمع شمل الأنام وأدى اجتهادهم إلى نصبه مقدما عليهم جاز ذلك بشرط أن يبقى في معاملاته على النصفة والعدل حتى إذا جار في قضية على واحد وجب عليهم خلعه ومنابذته وهذا كما فعلوا بعثمان وعلي رضي الله عنهما فإنه لما أحدث عثمان تلك الأحداث خلعوه فلما لم ينخلع قتلوه ولما رضي علي بالتحكيم وشك في إمامته خلعوه وقاتلوه.
قالت الشيعة الإمامة واجبة في الدين عقلا وشرعا كما أن النبوة واجبة في الفطرة عقلا وسمعا.
أما وجوب الإمامة عقلا أن احتياج الناس إلى إمام واجب الطاعة يحفظ أحكام الشرع عليهم ويحملهم على مراعاة حدود الدين كاحتياج الناس إلى نبي مرسل يشرع لهم الأحكام ويبين لهم الحلال والحرام واحتياج الخلق إلى استبقاء الشرع كاحتياجهم إلى تمهيد الشرع وإذا كان الأول واجبا إما لطفا من الله تعالى وأما حكمة عقلية واجبة كان الثاني واجبا.
وأما السمع فإن الله تعالى أمرنا بمتابعة أولي الأمر وطاعتهم فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء : ٥٩] ، فإذا لم يكن إمام واجب الطاعة فكيف يلزمنا ذلك التكليف وقال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة : ١١٩] ، فلو لم يكن في الأمة صادقون واجبو الطاعة كيف وجب علينا أن نكون معهم ويستحيل أن يكلف إنسان كن مع فلان ولا فلان في العالم وإذا كان العالم لا يخلو عن صادق مطلق فقد تحققت عصمته فإنا لا نعني بالعصمة إلا الصدق في جميع الأقوال ومن كان صادقا في جميع الأقوال كان صالحا في جميع الأحوال.
وقرروا ذلك من وجه آخر وقالوا كما يجب حسن الظن بالصحابة إنهم لا