يعدلون عن نص ظاهر إلى الاختيار وهم الصفوة الأولى على طراوة القبول يجب حسن الظن أيضا بالرسول أنه إذا علم احتياج الخلق إلى من يجمع شملهم ويرفع الخلاف بينهم ويحملهم على مناهج الشرع وينصف المظلوم وينتصف من الظالم وإنهم إلى من ينتهج مناهجه في دعوة المخالفين باللسان والسيف أحوج منهم إلى مسائل الاستنجاء والمسح على الخفين والتيمم بالتراب وغير ذلك فإذا لم يقصر في إيراد حكم في كل باب يستدل به على نظائره من ذلك الباب كيف أمسك عن أهم الأبواب كل الإمساك فلم ينطق به نصا ولا أشار إلى شخص تعيينا ولا ذكره بوصف حتى بقيت الأمة على اختلاف في الأصول والفروع فمن ضال ومن هاد يدعي كل واحد أنه على الحق وخصمه على الباطل ولا حاكم بينهما ومن جاهل ومن عالم يدعي كل واحد منهما أنه العالم وخصمه الجاهل ولا هادي لهما فلئن كان يتوجه للعباد أن يقولوا (رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً) [طه : ١٣٤] ، مع أنه لا يتوجه على الله سؤال أفلا يتوجه للأمة أن يقولوا أنبينا هلا عينت لنا إماما نتبع قوله من قبل أن نذل ونخزى وإن الله تعالى أرسل الرسل لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فهلا بين الرسول الإمامة وعين الإمام لئلا يكون للناس على النبي حجة بعد الأئمة.
فلئن قلتم عرف احتياج الخلق ولم يعين فلم تحسنوا الظن به وإن قلتم عين وبين ولم يتبعوا قوله لم تحسنوا الظن بالصحابة فما الأخلص وما الأولى بتوريك الذنب عليه.
وأنتم بين أمرين إما أن تقولوا جعل الأمر بين الأمة فوضى وفوض الأمر إلى رأي المجتهدين ليبين فضل المجتهد الناظر وقصور القاصر عن رتبة الاجتهاد وجعل العلماء بجملتهم حملة الشريعة ونقلة الدين.
قيل لكم وهلا كان الأمر فوضى بين العقلاء وفوض الأمر إلى نظر الناظرين واجتهاد المجتهدين فلا يرسل إليهم رسلا مبشرين ومنذرين ليتبين فضل المجتهد الناظر وقصور المعطل القاصر وهلا سلك الصحابة هذا المنهاج فيجعلون الأمر فوضى بين الأمة ولا يرتبون أمر الإمامة ولا يشتغلون بتعيين الإمام عن مواراة النبي صلىاللهعليهوسلم في صريحه ليظهر فضل الفاضل وقصور القاصر وإما أن تقولوا لم يجعل الأمر فوضى ولا ترك الحال شورى فيلزمكم النص والتعيين ثم لا نص إلا في حق من يدعي النص ومن لا يدعي النص كيف يتعين بالنص واعلم أنه لا شبهة في المسألة إلا ما ذكرناه وما تذكره الإمامية من سوء القول في الصحابة رضي الله عنه وافتراء الأحاديث على الرسول فكل ذلك ترهات لا يصلح أن تشحن بها الكتب أو يجري بها القلم وكذلك ما ذكره الزيدية من إمامة المفضول مع قيام