الفاضل واستحقاق الإمامة عندهم بخصال أربع العفة والعلم والشجاعة والخروج بعد أن يكون فاطميا يلزمهم أن يكون في كل صقع إمام واجب الطاعة فيكون في الأرض ألف إمام نافذ الأمر واجب الطاعة إذا استجمع كل واحد هذه الخصال.
أجاب أهل السنة عن مقالة النجدات في نفي وجوب الإمامة أصلا عقلا وشرعا أن الواجبات عندنا بالشرع ومدرك هذا الواجب إجماع الأمة والاختلاف الذي ذكرتموه في تعيين الإمام من أدل الدليل على أن أصل الإمامة واجب إذ لو لم يكن واجبا لما شرعوا في التعيين ولما اشتغلوا به كل الاشتغال.
بقي أن يقال إجماع الأمة هل هو دليل في الشرع وأن الإجماع هل يتصور وقوعه صادرا عن الاجتهاد بحيث لا يتصور فيه الخلاف وأما تصوره عقلا فمن الجائزات العقلية موافقة شخصين على رأي واحد وإذا تصور في شخصين فما المانع من تصوره في ثلاثة وأربعة إلى أن يستوعب الجميع وأما تقدير وقوعه في الصدر الأول فهو أيسر ما في المقدور فإن الصحابة كانوا محصورين في المهاجرين والأنصار وأهل الرأي والاجتهاد منهم يكون إلى عدد يمكن ضبطهم وحصرهم في محفل واحد ويتناظرون في أمر ويتفقون على رأي واحد ولا يبدو من أحدهم إنكار.
وأما وجه كونه دليلا أنا بالضرورة نعلم أن الصحابة إذا أجمعوا على أمر فلا يحصل منهم ذلك الاتفاق إلا لنص خفي قد تحقق عندهم إما نص في ذلك الأمر بعينه وأما نص على أن الإجماع حجة ثم ذلك النص ربما يكون عندهم تواترا وعندنا من أخبار الآحاد فلا بد من إضمار قطعا حتى يكون حجة لكن الإجماع قرينة دالة عليه قطعا وهو كالأخبار المتواترة فإنها أورثت العلم بحكم القرينة لا بحكم العدد ومن الدليل على أن الإجماع حجة تبكيت الصحابة لمن خالف الإجماع وإخراجهم إياه عن سنن الهدى وقد جوزوا للمجمعين ترك التعرض لمستند الإجماع فإن المستند ربما كان قرينة قولية أو فعلية أورثتهم العلم ولم يمكنهم التعبير عنها بلفظ وربما كان قولا صريحا فإن صرحوا به كان ذلك دليلا ثابتا في المسألة وإن لم يصرحوا كفاهم الإجماع.
وأما قولهم أن الاتفاق على إمامة أبي بكر رضي الله عنه لم يكن صادرا من جملتهم ليس كذلك إذ لم يبق أحد من الصحابة إلا كانت له بيعة وعلي كرم الله وجهه كان مشغولا في وقت البيعة بمواراة رسول الله صلىاللهعليهوسلم محزونا على مفارقته لم يخرج إليهم حتى لما رأى الناس دخلوا في أمر دخل فيه ولم ينقل عنهم إنكار.
وقولهم إن الإجماع في نصب الإمامة إيجاب على الإمام من جهة المجمعين حتى يصير واجب الطاعة لهم وينعكس الأمر بعد ذلك حتى يصيروا واجبي الطاعة له وهو متناقض.