نقول هذا لو كان الوجوب الذي يتلقى من الإجماع مقصورا على من صدر منه الإجماع وليس الأمر كذلك فإن الوجوب مستند إلى النص الخفي والجلي من صاحب الشرععليهالسلام فهو الموجب والإجماع مظهر الوجوب وهو طريق قطعي في معرفته لا أن قول من لم يثبت صدقه ضرورة يكون حجة.
وقولهم لو خالف كل واحد من المجتهدين إمامه في مسألة جاز قلنا نعم لأنه مجتهد كما أن الإمام مجتهد ولا يجوز لمجتهد تقليد المجتهد وهو لا يخالفه في الإجماع على إنه إمام بعد استناده إلى النص وإنما يخالفه في مسألة أخرى وهو جائز أليس أدى اجتهاد أبي بكر إلى قتال أهل الردة ومانعي الزكاة إليه وسبي ذراريهم واغتنام أموالهم وأدى اجتهاد عمر رضي الله عنه إلى أن يرد إليهم سباياهم فردها وكم من مسألة خالفه الصحابة في مسائل الفرائض والديات وإيجاب الرجم فرجع إلى قولهم وترك اجتهاده وهذا لأنه لا يجب العصمة للأئمة فيجوز عليهم الخطأ والكبائر فضلا عن الزلل في الاجتهاد.
وقولهم : إن الناس لو تناصفوا وعدلوا استغنوا عن إمام قلنا هذا جائز في العقل جواز سداد الناظرين في نظرهم قبل ورود الشرع ولكن العادة الجارية والسنة المطردة أن الناس بأنفسهم لا يستقرون على مناهج العدل والشرع إلا بحامل يحملهم على ذلك بالتخويف والتشديد ولا يتأتى ذلك إلا بسياسة الإمام والتخويف بالسيف والتشديد على الظالم.
وأما الجواب عن قول الشيعة إما أن تلقي الواجبات من العقل فقد فرغنا منه وإما مستند الوجوب في نصب الإمام هو الإجماع الدال على النص الوارد في الشرع.
وقولهم : إن الله تبارك وتعالى أمرنا بطاعة أولي الأمر ومتابعة الصادقين قلنا هذا مسلم في وجوب طاعة الإمام على الإطلاق لكن الكلام إنما وقع في التعيين أهو متعين بتعيين الشارع نصا أم يتعين بتعيين أهل الإجماع والأول لم يثبت إذ لو ثبت لنقل ولما تصور سكوت القوام أو سكوت واحد من القوم في موضع اختلاف الناس في تعيين الإمام أليس لما كان عند أبي بكر رضي الله عنه نص في تخصيص قريش بالإمامة روي ذلك في حال دعوى الأنصار فسكتوا عن الدعوى وصارت الإمام مخصوصة بقريش نصا كذلك لو كان عند أحد نص في تخصيص بني هاشم لنقل ذلك حتى يرتفع النزاع فإن منازعة الأنصار قريشا كمنازعة قريش بني هاشم ومنازعة بني هاشم عليا.
ومن العجب أن خبر التخصيص بقريش لم يكن متواترا إذ لو تواتر لما ادعت الأنصار شركة في الأمر وهم قد انقادوا لخبر الآحاد فكيف يظن بهم أنهم لا ينقادون للخبر المتواتر.