وسيعود كما بدأ» (١) ، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : «لا تقوم الساعة إلا على أشرار أمتي» (٢) فإظهارهم لما هم عليه من التشبيه ، ولغة المسلمين وتكفيرهم ، لا يدل أنهم على الحق ، كما أن كثرة الروافض وإظهارهم لما هم عليه وسب أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بلاد الشام وغيرها ، وسكوت أهل السنة عنهم ، لا يدل أنهم على الحق وأن أهل السنة على الباطل بل يدل على ذلك بجهل اقتراب الساعة وتصديق النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فيما أخبر به من قوله صلى اللّه عليه وسلم بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ ، وقوله : «لا تقوم الساعة إلا على أشرار أمتي» (٣) ومن شرهم لعنهم لأهل الحق وغيبتهم لهم ، وتقبيح اسمهم عند العامة ، وتلقيبهم لهم بالأشعرية ، وقد روي في الخبر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أن رجلا لعن الريح فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم «لا تلعنها فإنها مأمورة» ، وإن من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه. وروي في الخبر : «أن رجلا يعطى كتابا يوم القيامة ، فلا يرى فيه حسنة ، فيقول يا رب أين صلاتي ، وصيامي ، فيقال ذهب عملك كله باغتيابك للناس» (٤) ، قال اللّه عز وجل :(وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) (الحجرات : من الآية ١١) ، وأما تلقيبهم لهم بالأشعرية ،؟ فإن هذه التسمية لا توجب تكفيرهم ، ولا لعنهم ، فإنه اسم قبيلة من قبائل العرب ، كقيس وفزارة وسليم ، وقد روي في الخبر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : «الأزد والأشاعرة هم مني وأنا منهم طيبة أفواههم لا يغلون ، ولا يجبنون» (٥) وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : «يقدم عليكم أقوام هم أرق منكم قلوبا» (٦) ، فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى الأشعري ، فلما اقتربوا من المدينة كانوا يرتجزون ، ويقولون :
وروي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما نزل عليه قوله عز وجل :(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (المائدة : من الآية ٥٤) بقوم يحبهم ويحبونه. فقال بقضيبه الممشوق في ظهر أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه : هم قومك
__________________
(١) أخرجه مسلم (١ / ١٣٠).
(٢) أخرجه مسلم (٤ / ٢٢٦٨).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) لم أجده.
(٥) أخرجه الحاكم في مستدركه (٢ / ١٥٠) ـ ح (٢٦١٦) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه. والإمام أحمد في مسنده (٤ / ١٢٩). وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٣ / ٣٢٢) ـ ح (١٧٠١). والمزي في تهذيب الكمال (١٤ / ٥١).
(٦) أخرجه البخاري (٥ / ٢١٨) ، ومسلم (١ / ٧٠) ـ ح (٨٢).