والجواب على قاعدة المتكلمين :
قال المحققون منهم وجه دلالة الفعل على الفاعل هو الجواز والإمكان وترجح جانب الوجود على العدم وذلك لم يختلف خيرا كان أو شرا فالوجود من حيث هو وجود خير كله أو يقال لا خير فيه ولا شر والفعل من حيث وجوده ينسب إلى الفاعل لا من حيث هو خير أو شر والفاعل يريد الوجود من حيث هو وجود لا من حيث هو خير أو شر بل الخير والشر إما أمران إضافيان بأن يكون شيء خيرا بالإضافة إلى شيء شرا بالإضافة إلى شيء وإما أمران شرعيان فيرجع الحسن والقبح والخير والشر فيه إلى قول الشارع افعل ولا تفعل ، وهذا هو جوابنا عن قول المعتزلة حيث قالوا في إرادة الكائنات إنه لو كان مريدا للشر لكان شرا فإن الشر لم ينسب إليه إلا من جهة وجوده والوجود من حيث هو وجود لا شر فيه وهو مريد لموجود بمعنى أنه على صفة يتأتى منه التخصيص بالوجود دون العدم وببعض الجائزات دون البعض فلم يكن مريدا للشر في الحقيقة.
ونقول للثنوية إنا كما صادفنا في الموجودات خيرا وشرا متمايزين فقد صادفنا في الموجودات خيرا أو شرا مختلطين فإن عالم الخير المحض هو عالم الملائكة وعالم الشر المحض هو عالم الشياطين وعالم الاختلاف والامتزاج هو عالم البشر فهلا أثبتم ثالثا ينسب إليه الامتزاج فإن الممتزج من حيث هو ممتزج على طبيعة غير ما كان المنفرد عليها فهلا كانت الطبيعة المذكورة دالة على ثالث لكن قلتم الخير والشر لم يختلفا بالامتزاج بل دلالتهما واحدة كذلك نقول لم يختلفا في الوجود فإن دلالة الوجود واحدة.
وقد سلك الفلاسفة الإلهيون طريقة أخرى في الوحدانية فأجابوا عن هذا السؤال على طريقتهم.
فأما طريقتهم قالوا : قد شهد العقل الصريح بأن الوجود ينقسم إلى ما يكون واجبا في ذاته وإلى ما يكون ممكنا في ذاته وكل ممكن فإنما يترجح جانب الوجود منه على جانب العدم بمرجح فإما أن تذهب الممكنات إلى غير نهاية أو تقف على واجب بذاته غير ممكن لكنها لو ذهبت إلى غير النهاية لما وجدت إذ كان يتوقف وجود كل ممكن على سبق وجود مرجحه وذلك محال فلا بد أن يقف على واجب بذاته ثم الواجب بذاته لا يجوز أن يكون لذاته مبادئ يجتمع منها واجب الوجود لا أجزاء كمية ولا كالمادة والصورة والجنس والفصل فإن المبادئ يجب أن تكون سابقة على ذات واجب الوجود ويكون واجبا بها لا بذاته وقد فرضنا الواجب بذاته فهذا خلف