يتصف بصفة زائدة على الصفات الذاتية ويترتب على ما ذكرناه أنه هل يجوز للباري سبحانه أخص وصف لا ندركه ، وفرق بين هذا السؤال والسؤال الأول ، فإن السائل الأول سأل هل يجوز أن تزيد صفة على الصفات الثمانية والسائل الثاني سأل هل له أخص وصف به يتميز عن المخلوقات.
واختلف جواب الأصحاب عنه أيضا فقال بعضهم : ليس له أخص وصف ولا يجوز أن يكون لأنه بذاته وصفاته يتميز عن ذوات المخلوقات وصفاتها من حيث إنه ذاته لا حد لها زمانا ومكانا ولا يقبل الانقسام فعلا ووهما ، بخلاف ذوات المخلوقات وصفاتها فإنها غير متناهية في التعلق بالمتعلقات ، فلو كان الغرضان يتحقق أخص وصف به يقع التميز فقد وقع التميز بما ذكرنا فلا أخص سوى ما عرفنا.
وقال بعضهم : له أخص وصف الإلهية لا ندركه وذلك أن كل شيئين لهما حقيقتان معقولتان فإنهما يتمايزان بأخص وصفيهما وجميع ما ذكرنا من أن لا حد ولا نهاية ولا انقسام للذات ولا تناهي للصفات كل ذلك سلوب وصفات نفي وبالنفي لا يتميز الشيء عن الشيء بل لا بد من صفة إثبات يقع بها التميز وإلا فترتفع الحقيقة رأسا.
ثم إذا أثبت أن له أخص الوصف فهل يجوز أن تدركه.
قال إمام الحرمين لا يجوز أن ندركه أصلا وقال بعضهم يجوز أن يدرك وقال ضرار بن عمرو يدرك عند الرؤية بحاسة سادسة ونفس المسألة من محارات المتكلمين وتصوير الأخص من محارات العقول.
فإن قيل : إذا قدر موجودان قائمان بأنفسهما بحيث لا يكون أحدهما بحيث يكون الثاني كالعرض في الجوهر فمن الضرورة أما أن يكونا متجاورين وإما أن يكونا متباينين وعلى الوجهين جميعا يجب أن يكون كل واحد منهما بجهة الثاني وربما عبروا عن هذا المعنى بأن قالوا الباري سبحانه لا يخلو إما أن يكون داخل العالم أو خارجا عن العالم وكما أن الدخول بالذات يقتضي مجاورة ومماسة والخروج بالذات يستدعي مباينة وجهة وربما شككوا أبلغ تشكيك على سبيل الإلزام.
فقالوا : اتفقنا على أن له سبحانه ذاتا وصفات ومن المعلوم أن الصفات لا تكون كل واحدة بحيث الثانية ولا منحازة عنها بجهة ، فإن القائم بالغير لا يقبل التحيز رأسا بل هي كلها قائمة بذاته أي بحيث ذاته فقد تحقق التميز بين الذات والصفات وذلك راجع إلى أن الذات لها حيث حتى تكون الصفات بحيث هو والصفات لا حيث لها فلا تكون الذات بحيث هي وما قيل التحيث بالنسبة إلى الصفات فلو قدر قائم بذات آخر فمن ضرورته أن لا يكون بحيث هو حتى يتحقق