والتحيز واحد فما به يفترقان هو بعينه ما فيه يشتركان وما به يتماثلان هو بعينه ما فيه يختلفان ويرتفع التماثل والاختلاف والتضاد رأسا ويلزم أن لا يجري حكم مثل في مثل حتى لو قام الدليل على حدوث جوهر بعينه كان هو محدثا ويحتاج إلى دليل آخر في مثل ذلك الجوهر ويلزم أن لا يسلب حكم ضد عن ضد وخلاف عن خلاف حتى لو حكم على الجوهر بأنه قابل للعرض لم يسلب هذا الحكم عن العرض إذ لا تماثل ولا اختلاف ولا تضاد وارتفع العقل والمعقول وتعدد الحس والمحسوس.
وأما وجه خطأ المثبتين للحال : فهو أنهم أثبتوا لموجود معين مشار إليه صفات مختصة به وصفات يشاركه فيها غيره من الموجودات وهو من أمحل المحال فإن المختص بالشيء المعين والذي يشاركه فيه غيره واحد بالنسبة إلى ذلك المعين فوجود معين وعرضيته ولونيته وسواديته عبارات عن ذلك المعين المشار إليه فإن الوجود إذا تخصص بالعرضية فهو بعينه عرض والعرضية إذا تخصصت باللونية فهي بعينها لون وكذلك اللونية بالسوادية والسوادية بهذا السواد المشار إليه فإن الوجود إذا تخصص بالعرضية فهو بعينه عرض والعرضية إذا تخصصت باللونية فهي بعينها لون وكذلك اللونية بالسوادية والسوادية بهذا السواد المشار إليه فليس من المعقول أن توجد صفة لشيء واحد معين وهي بعينها توجد لشيء آخر فتكون صفة معينة في شيئين كسواد واحد في محلين وجوهر واحد في مكانين ثم لا يكون ذلك في الحقيقة عموما وخصوصا فإن مثل هذا ليس يقبل التخصيص إذ يكون خاصا في كل محل فلا يكون البتة عاما وإذا لم يكن عاما لم يكن خاصا أيضا فيتناقض المعنى.
والخطأ الثاني أنهم قالوا : الحال لا يوصف بالوجود ولا بالعدم والوجود عندهم حال فكيف يصح أن يقال الوجود لا يوصف بالوجود وهل هو إلا تناقض في اللفظ والمعنى وما لا يوصف بالوجود والعدم كيف يجوز أن يعم أصنافا وأعيانا لأن العموم والشمول يستدعي أولا وجودا محققا وثبوتا كاملا حتى يشمل ويعم أو يعين ويخص وأيضا فهم أثبتوا العلة والمعلول ثم قالوا العلة توجب المعلول وما ليس بموجود كيف يصير موجبا وموجبا ، فالعملية عندهم حال والعالمية عندهم أيضا حال فالموجب حال والموجب حال والحال لا يوجب الحال لأن ما لا يتصف بالوجود الحقيقي لا يتصف بكونه موجبا.
الخطأ الثالث : أنا نقول معاشر المثبتين كل ما أثبتموه في الوجود هو حال عندكم فأرونا موجودا في الشاهد والغائب هو ليس بحال لا يوصف بالوجود والعدم فإن الوجود الذي هو الأعم الشامل للقديم والحادث عندكم حال والجوهرية والتحيز