والعرض عرضا وذاتا وعينا ولا يخطر ببالنا أنه أمر موجود مخلوق بقدرة القادر والمخلوق والمحدث إنما يحتاج إلى الفاعل من حيث وجوده إذا كان في نفسه ممكن الوجود والعدم وإذا ترجح جانب الوجود احتاج إلى مرجح فلا أثر للفاعل بقادريته أو قدرته إلا في الوجود فحسب فقلنا ما هو له لذاته قد سبق الوجود وهو جوهريته وعرضيته فهو شيء ما هو له بقدرة القادر هو وجوده وحصوله وما هو تابع لوجوده فهو تحيزه وقبوله للعرض وهذه قضايا عقلية ضرورية لا ينكرها عاقل.
وعلى هذه القاعدة يخرج الجواب عن أثر الإيجاد فإن تأثير القدرة في الوجود فقط ، والقادر لا يعطيه إلا الوجود والممكن في ذاته لا يحتاج إلى القادر إلا من جهة الوجود ألسنا نقول أن إمكان الممكن من حيث إمكانه أمر لذاته وهو من هذا الوجه غير محتاج إلى الفاعل وليس للفاعل جعله ممكنا لكن من حيث ترجيح أحد طرفي الإمكان كان محتاجا إلى الفاعل فعلم يقينا أن الأمور الذاتية لا تنسب إلى الفاعل بل ما يعرض لها من الوجود والحصول ينسب إلى الفاعل ونقول إن الفاعل إذا أراد إيجاد جوهر ، فلا بد أن يتميز الجوهر بحقيقته عن العرض حتى يتحقق القصد إليه بالإيجاد وإلا فالجوهر والعرض في العدم إذا كان لا يتميز أحدهما عن الثاني بأمر ما وحقيقة ما وذلك الأمر والحقيقة لم يكن شيئا ثابتا لم يتجرد القصد إلى الجوهر دون العرض وإلى الحركة دون السكون والبياض دون السواد إلى غير ذلك والتخصيص بالوجود إنما يتصور إذا كان المخصص معينا مميزا عند المخصص حتى لا يقع جوهر بدل عرض ولا حركة بدل سكون ولا بياض بدل سواد فعلم بذلك أن حقائق الأجناس والأنواع لا تتعلق بفعل الفاعل وأنها في ذواتها إن لم تكن أشياء منفصلة لم يتصور الإيجاد والاختراع ، ولكان حصول الكائنات على اختلافها اتفاقا وبحثا.
قالت النفاة : العلم الأزلي يتعلق بالمعلومات كلها كما هي فيتعلق بوجود العالم حتى يتحقق له الوجود ويتعلق باستحالة وجوده أزلا وجواز وجوده قبل وجوده لكن المتعلق الحقيقي هو الوجود وسائر المعلومات من ضرورة ذلك التعلق ، ولا يستدعي ذلك التعلق في حق الباري سبحانه تقديرا وهميا وترديدا خياليا هذا كمن عرف وحدانية الباري سبحانه وتعالى في الإلهية عرف أن ما سواه ليس بإله ولا يستدعي تعدد علوم بكل مخلوق أنه ليس بإله ومن عرف أن زيدا في الدار عرف أنه ليس بموضع آخر سواها ولا يستدعي ذلك أن يتعدد علمه بأنه ليس في دار عمر وبكر وخالد بل يقع ذلك معلوما لزوما ضرورة ومثل هذه المعلومات لا تتناهى ويستحيل أن يقال هذه المعلومات أشياء ثابتة حتى يكون عدم زيد في مكان كذا أو عدم كل