بين صنعاءَ وبُصرىٰ (١) ، فيه أقداح عدد النجوم من فضّة ، فانظروا كيف تخلِفوني في الثقَلَينِ (٢).
فنادىٰ منادٍ : وما الثقَلان يا رسول الله ؟
قال : الثقَل الأكبر كتاب الله طرفٌ بيد الله عزّ وجلّ وطرفٌ بأيديكم ، فتمسّكوا به لا تضلّوا ، والآخر الأصغر عترتي ، وإنَّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يتفرّقا حتىٰ يردا عليّ الحوض ، فسألت ذلك لهما ربّي ، فلا تَقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا.
ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها حتىٰ رُؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون ، فقال : أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ؟. قالوا : الله ورسوله أعلم.
قال : إنَّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولىٰ بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، يقولها ثلاثَ مرّات ـ وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة : أربع مرّات ـ ثمّ قال : أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وأحِبَّ من أحبّه ، وأبغِضْ من أبغضه وانصُرْ من نصره ، واخذُلْ من خذله ، وأَدرِ الحقَّ معه حيث دار ، ألا فليبلّغ الشاهدُ الغائب. ثمّ لم يتفرّقوا حتىٰ نزل أمين وحي الله بقوله : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) الآية. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الله أكبر علىٰ إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضا الربّ برسالتي ، والولاية لعليٍّ من بعدي ».
ثمّ طَفِق القوم يهنِّئون أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ وممّن هنّأه ـ في مُقدّم الصحابة ـ الشيخان : أبو بكر وعمر كلٌّ يقول : بَخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحتَ وأمسيتَ مولايَ ومولىٰ كلّ مؤمن ومؤمنة. وقال ابن عبّاس : وجبت ـ واللهِ ـ في أعناق القوم.
___________________________________
(١) صنعاء : عاصمة اليمن اليوم ، وبُصْرىٰ : قَصَبة كورة حوران من أعمال دمشق. ( المؤلف )
(٢) الثقَل ـ بفتح المثلّثة والمثنّاة ـ : كلّ شيء خطير نفيس. ( المؤلف )