صعد عليٌّ عليهالسلام المنبر ـ في صفّين ـ في عسكره ، وجمع الناس ومن بحضرته من النواحي والمهاجرين والأنصار ، ثمّ حمد الله وأثنىٰ عليه ، ثمّ قال :
« معاشر الناس ، إنَّ مناقبي أكثر من أن تُحصىٰ ، وبعد ما أنزل الله في كتابه من ذلك ، وما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أكتفي بها عن جميع مناقبي وفضلي :
أتعلمون أنَّ الله فضّل في كتابه السابق على المسبوق ، وأنَّه لم يسبقني إلى الله ورسوله أحدٌ من الأمّة ؟ قالوا : نعم.
قال : أَنشُدُكُمُ الله : سُئِل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن قوله : ( السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنزلها الله في الأنبياء وأوصيائهم ، وأنا أفضل أنبياء الله ورسله ، ووصيّي عليّ بن أبي طالب أفضل الأوصياء ؟ »
فقام نحو من سبعينَ بدريّاً جُلّهم من الأنصار وبقيّتهم من المهاجرين ، منهم : أبو الهيثم بن التيّهان ، وخالد بن زيد أبو أيّوب الأنصاري ، وفي المهاجرين عمّار بن ياسر ، فقالوا : نشهد أنَّا قد سمعنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ذلك.
قال : « فأَنشدُكُم بالله في قول الله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) وقوله : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ... ) الآية ، ثمّ
___________________________________
= واللام في كلام ابن النديم والسبكي للمنفعة ، فمفادها أنَّهم كانوا يحتجّون به ، فيخصمون المجادل لاقتناعه بما فيه ثقة بأمانة سُلَيم في النقل ، لا محض أنَّ الشيعة تقتنع بما فيه ، وهو الذي يعطيه كلام المسعوديّ حيث أسند احتجاج الإماميّة الاثني عشرية في حصر العدد بما فيه ، فإنّ الاقتناع بمجرّده غير مُجدٍ في عصور قام الحِجاج فيها علىٰ أشدّه ، ولذلك أسند إليه وروىٰ عنه غيرُ واحد من أعلام العامّة : منهم الحاكم الحسكانيّ ـ المترجم ( ص ١١٢ ) ـ في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل [ ١ / ٤٧ ح ٤١ ] ، والإمام الحمّوئي ـ المترجم ( ص ١٢٣ ) ـ في فرائد السمطين [ ١ / ٣١٢ ح ٢٥٠ ] ، والسيّد ابن شهاب الهمَداني ( المذكور ص ١٢٧ ) في مودّة القربىٰ [ المودّة العاشرة ] ، والقندوزي الحنفي ـ المترجم ( ص ١٤٧ ) ـ في ينابيع المودّة [ ١ / ٢٧ ـ ٣٢ ، ١١٤ باب ٣٨ ] ، وغيرهم ، وحول الكتاب كلمات درّيّة أفردناها في رسالة ، وإنَّما ذكرنا هذا الإجمال ؛ لتعلم أنَّ التعويل على الكتاب ممّا تسالم عليه الفريقان ، وهو الذي حدانا إلى النقل عنه في كتابنا هذا. ( المؤلف )