معاوية كان يجلس بالعشيّات بباب كندة ، ويجلس الناس إليه ، فجاء شابّ من الكوفة فجلس إليه فقال :
يا أبا هريرة أَنشُدُك الله أسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول لعليّ بن أبي طالب : « أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه » ؟.
فقال : أللّهمّ نعم. قال : فأشهد بالله لقد واليتَ عدوَّه وعاديتَ وليَّه. ثمّ قام عنه. (١)
وروت الرواة أنَّ أبا هريرة كان يؤاكل الصبيان في الطريق ويلعب معهم ، وكان يخطب وهو أمير المدينة ، فيقول : الحمد لله الذي جعل الدين قياماً ، وأبا هريرة إماماً ، يُضحِك الناس بذلك. وكان يمشي وهو أمير المدينة في السوق ، فإذا انتهىٰ إلىٰ رجل يمشي أمامه ضرب برجليه الأرض ويقول : الطريق الطريق ، قد جاء الأمير. يعني نفسه.
___________________________________
(١) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف : ح ١٢١٤١ ، والبزّار في مسنده كشف الأستار : ح ٢٥٣١ ، وأخرجه الحافظ الطبراني ، وعنه في مجمع الزوائد : ٩ / ١٠٥.
وأخرجه المبارك بن عبد الجبّار الصيرفي في الطيوريات : ج ٩ / ق ١٦٠ / ب ، وأخرجه الذهبي في كتابه في الغدير ـ جزء في حديث من كنت مولاه ـ بالأرقام : ٨٢ ـ ٨٨ ، وابن حجر العسقلاني في المطالب العالية : ح ٣٩٥٨ ، وفي مختصر زوائد مسند البزّار : ح ١٩٠٣ ، والبوصيري في إتحاف السادة المهرة : ج ٣ ق ٥٦ / أ.
وفي رواية للذهبي في غديره رقم ٨٤ : قدم علينا معاوية [ الكوفة ] فنزل النخيلة ، فدخل أبو هريرة المسجد بالكوفة ، فكان يقصّ على الناس ويذكّرهم ! فقام إليه شابّ ، فقال : يا أبا هريرة نشدتك بالله أنت سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول لعليّ : « من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه » ؟ قال : اللّهمّ نعم .
وفي مصنّف ابن أبي شيبة : ح ١٢١٤١ : فقال الشابّ : أنا منك بريء ، أشهد أنَّك قد عاديت من والاه ، وواليت من عاداه ، قال : فحصبه الناس بالحصىٰ.
فيبدو أنَّ معاوية لما قدم الكوفة بعث جهاز إعلامه شيخ المضيرة إلى المسجد يمجّده ويطريه ويحرّض الناس علىٰ إكرامه وتبجيله ! ولعلّه نال من أمير المؤمنين عليهالسلام وتنقّصه !! مما أثار حفيظة هذا الشابّ ، فقام إليه وناشده وأفحمه ، وقال له : فأشهد بالله لقد واليت عدوّه وعاديت وليّه.
وأنت تعلم أنَّ مجرد القصص والتذكير لا يؤدّي إلىٰ مثل هذا. ( الطباطبائي )