قال : فأخبرني عمّن فضل صاحبه علىٰ عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثمّ إنَّ المفضول إن عمل بعد وفاة رسول الله بأفضل من عمل الفاضل علىٰ عهد رسول الله أيلحق به ؟ قال : فأطرقت ، فقال لي : يا إسحاق لا تقل : نعم ؛ فإنّك إن قلت : نعم ، أوجدتك في دهرنا هذا من هو أكثر منه جهاداً وحجّاً وصياماً وصلاةً وصدقةً. فقلت : أجل ، يا أمير المؤمنين لا يلحق المفضول علىٰ عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الفاضل أبداً.
قال : يا إسحاق هل تروي حديث الولاية ؟ قلت : نعم ؛ يا أمير المؤمنين. قال : اروِه ، ففعلت. قال : يا إسحاق أرأيت هذا الحديث هل أوجب علىٰ أبي بكر وعمر ما لم يوجب لهما عليه ؟ قلت : إنَّ الناس ذكروا أنَّ الحديث إنَّما كان بسبب زيد بن حارثة لشيء جرىٰ بينه وبين عليّ ، وأنكر ولاء عليّ ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « من كنتُ مولاه فعليّ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ».
قال : في أيّ موضع قال هذا ؟ أليس بعد منصرفه من حجّة الوداع ؟ قلت : أجل.
قال : فإنّ قتل زيد بن حارثة قبل الغدير ، كيف رضيتَ لنفسك بهذا ؟!
أخبرني لو رأيت ابناً لك قد أتت عليه خمس عشرة سنة يقول : مولاي مولى ابن عمّي ، أيّها الناس فاعلموا ذلك. أكنت منكراً ذلك عليه تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون ؟
فقلت : أللّهمّ نعم. قال : يا إسحاق أفتنزِّه ابنك عمّا لا تنزِّه عنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؟
ويحكم لا تجعلوا فقهاءكم أربابكم ، إنَّ الله ـ جلَّ ذكره ـ قال في كتابه : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ ... ) (١) ، ولم يصلّوا لهم ولا صاموا ولا زعموا أنَّهم أرباب ، ولكن أمروهم فأطاعوا أمرهم (٢).
___________________________________
(١) التوبة : ٣١.
(٢) أخذنا من الحديث محلّ الحاجة ، وهو طويل غزير الفائدة جدّاً. ( المؤلف )