إنَّ أمير المؤمنين أمرني أن أُحضر معي غداً مع الفجر أربعين رجلاً ، كلّهم فقيهٌ يفقه ما يُقال له ، ويحسن الجواب ، فسمّوا من تظنّونه يصلح لِما يطلب أمير المؤمنين ، فسمّينا له عدّة ، وذكر هو عدّة ، حتىٰ تمّ العدد الذي أراد ، وكتب تسمية القوم وأمر بالبكور في السحر ، وبعث إلىٰ من يحضر فأمره بذلك ، فغدونا عليه قبل طلوع الفجر ، فوجدناه قد لبس ثيابه وهو جالس ينتظرنا ، فركب وركبنا معه حتىٰ صرنا إلى الباب ، فإذا بخادم واقف ، فلمّا نظر إلينا قال : يا أبا محمد أمير المؤمنين ينتظرك ، فأُدخِلنا ، فأمرنا بالصلاة فأخذنا فيها ، فلم نستتمّها حتىٰ خرج الرسول ، فقال : ادخلوا ، فدخلنا فإذا أمير المؤمنين جالس علىٰ فراشه ... إلىٰ أن قال :
ثمّ قال : إنّي لم أبعث فيكم لهذا ، ولكنّني أحببتُ أن أبسطكم أنَّ أمير المؤمنين أراد مناظرتكم في مذهبه الذي هو عليه ، والذي يدين الله به. قلنا : فليفعل أمير المؤمنين وفّقه الله.
فقال : إنَّ أمير المؤمنين يَدين الله علىٰ أنَّ عليّ بن أبي طالب خير خلفاء الله بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأولى الناس بالخلافة له.
قال إسحاق : فقلت : يا أمير المؤمنين إنَّ فينا من لا يعرف ما ذكر أمير المؤمنين في عليّ ، وقد دعانا أمير المؤمنين للمناظرة.
فقال : يا إسحاق اختر ، إن شئت سألتك أسألك ، وإن شئت أن تسأل فقل.
قال إسحاق : فاغتنمتها منه ، فقلت : بل أسألك يا أمير المؤمنين. قال : سل.
قلت : من أين قال أمير المؤمنين : إنَّ عليّ بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول الله وأحقّهم بالخلافة بعده ؟
قال : يا إسحاق خبِّرني عن الناس بِمَ يتفاضلون ؛ حتىٰ يُقال : فلانٌ أفضل من فلان ؟ قلت : بالأعمال الصالحة. قال : صدقت.