من تقدّم منهم ، ويحبس من تأخَّر عنهم في ذلك المكان ، وأن يُقيم عليّاً عليهالسلام عَلَماً للناس ، ويبلِّغهم ما أنزل الله فيه ، وأخبره بأنَّ الله عزوجل قد عصمه من الناس. وما ذكرناه من المتسالم عليه عند أصحابنا الإمامية ، غيرَ أنَّا نحتجُّ في المقام بأحاديث أهل السنّة في ذلك ، فإليك البيان :
١ ـ الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري : المتوفّىٰ ( ٣١٠ ) ، المترجم ( ص ١٠٠ ).
أخرج بإسناده ـ في كتاب الولاية في طرق حديث الغدير ـ عن زيد بن أرقم ، قال :
لَمّا نزل النبيّ صلىاللهعليهوسلم بغدير خُمّ في رجوعه من حجّة الوداع ، وكان في وقت الضحىٰ وحرّ شديد ، أمر بالدوحات فقُمَّت ، ونادى الصلاة جامعة ، فاجتمعنا فخطب خطبة بالغة ، ثمّ قال :
« إنَّ الله تعالىٰ أنزل إليَّ : ( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ، وقد أمرني جبرئيل عن ربِّي أن أقوم في هذا المشهد ، وأُعلم كلَّ أبيض وأسود : أنَّ عليَّ بن أبي طالب أخي ووصيّي وخليفتي والإمام بعدي ، فسألت جبرئيل أن يستعفيَ لي ربِّي ؛ لعلمي بقلّة المتّقين ، وكثرة المُؤذينَ لي ، واللائمين لكثرةِ ملازمتي لعليٍّ ، وشدّة إقبالي عليه ، حتى سَمَّوني أُذُناً ، فقال تعالىٰ : ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ ... ) (١) ، ولو شئت أن أُسمِّيَهم وأدلَّ عليهم لفعلتُ ، ولكنّي بسترهم قد تكرّمتُ ، فلم يرضَ الله إلّا بتبليغي فيه.
فاعلموا معاشرَ الناس ذلك ؛ فإنّ الله قد نصبه لكم وليّاً وإماماً ، وفرض طاعته علىٰ كلّ أحد ، ماضٍ حكمه ، جائز قوله ، ملعونٌ من خالفه ، مرحومٌ من صدّقه ، اسمعوا وأَطيعوا ، فإنَّ اللهَ مولاكم وعليٌّ إمامكم ، ثمَّ الإمامة في ولدي من صلبه إلى
___________________________________
(١) التوبة : ٦١.