وزاد القسطلاني في إرشاد الساري (١) ( ٧ / ١٠١ ) ضغثاً علىٰ إبّالة فقال : قالت الشيعة : إنَّه قد كتم أشياء علىٰ سبيل التقيّة.
وليتهما أوعزا إلىٰ مصدر هذه الفِرْية على الشيعة من عالم ذكرها ، أو مؤلَّف تضمّنها ، أو فرقة تنتحلها ، نعم لم يجدا شيئاً من ذلك ، بل حَسِبا أنَّهما مصدَّقان في كلِّ ما ينبزان به أمّةً من الأُمم علىٰ أيّ حال ، أو أنَّه ليس للشيعة تآليف محتوية علىٰ معتقداتهم هي مقاييس في كلّ ما يُعزىٰ إليهم ، أو أنَّ جيلهم المستقبل لا ينتج رجالاً يناقشون المفترين الحساب ، فمن هنا وهنا راقهما تشويه سمعة الشيعة ، كما راق غيرهم ، فتحرَّوا الوقيعة فيهم بالمفتريات ؛ ليثيروا عليهم عواطف ، ويخذِّلوا عنهم أُمماً ، فحدّثوا عنهم كما يحدِّثون عن الأُمم البائدة الذين لا مُدافع عنهم ، والشيعة لم تجرؤ قطُّ علىٰ قُدس صاحب الرسالة بإسناد كتمان ما يجب عليه تبليغه إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا أن يكون للتبليغ ظرف معيّن ، فما كان يسبق الوحي الإلٰهي بتقديم المظاهرة به قبل ميعاده.
أللّهمّ إن كانا ـ الرجلان ـ يُمعِنان النظر في أقاويل أصحابهم المقولة في الآية الكريمة من الوجوه العشرة التي ذكرها الرازي لَوقفا علىٰ قائل ما قذفا الشيعة به ، فإنَّ منهم من يقول : إنَّ الآية نزلت في الجهاد ، فإنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يُمسك أحياناً من حثِّ المنافقين على الجهاد.
وآخر منهم يقول : إنَّها نزلت لمّا سكت النبيّ عن عيب آلهة الوثنيِّين !.
وثالث يقول : كتم آية التخيير عن أزواجه ـ كما مرّ ( ص ٢٢٥ ) ـ فنزول الآية علىٰ هذه الوجوه ينبئ عن قعود النبيّ عمّا أُرسِل إليه ، حاشا نبيّ العظمة والقداسة.
( وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ ) (٢)
___________________________________
(١) إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري : ١٠ / ٢١٠.
(٢) الحاقّة : ٤٨ ـ ٤٩.