واقتفىٰ أثر النبيّ الأعظم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام نفسه فاتّخذه عيداً ، وخطب فيه سنةً اتّفق فيها الجمعة والغدير ، ومن خطبته قوله :
« إنّ الله عزّ وجلّ جمع لكم ـ معشر المؤمنين ـ في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين ، ولا يقوم أحدهما إلّا بصاحبه ؛ ليكمل عندكم جميل صنعه ، ويقفكم علىٰ طريق رشده ، ويقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته ، ويسلككم منهاج قصده ، ويوفِّر عليكم هنيء رِفده ، فجعل الجمعة مجمعاً ندب إليه لتطهير ما كان قبله وغسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلىٰ مثله ، وذكرىٰ للمؤمنين ، وتبيان خشية المتّقين ، ووهب من ثواب الأعمال فيه أضعاف ما وهب لأهل طاعته في الأيّام قبله ، وجعله لا يتمّ إلّا بالائتمار لما أمر به ، والانتهاء عمّا نهىٰ عنه ، والبخوع بطاعته فيما حثَّ عليه وندب إليه ، فلا يُقبل توحيده إلّا بالاعتراف لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بنبوّته ، ولا يقبل ديناً إلّا بولاية من أمر بولايته ، ولا تنتظم أسباب طاعته إلّا بالتمسّك بعصمه وعصم أهل ولايته ، فأنزل علىٰ نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في يوم الدوح ما بيّن به عن إرادته في خلصائه وذوي اجتبائه ، وأمره بالبلاغ وترْكِ الحفْل بأهل الزيغ والنفاق وضمن له عصمته منهم ... » إلىٰ أنَّ قال :
« عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة علىٰ عيالكم ، وبالبرّ بإخوانكم ، والشكر لله عزَّ وجلّ علىٰ ما منحكم ، واجمعوا يجمع الله شملكم ، وتبارّوا يصل الله أُلفتكم ، وتهادَوا نعمة الله كما منّاكم بالثواب فيه علىٰ أضعاف الأعياد قبله أو بعده إلّا في مثله ، والبرّ فيه يُثمر المال ويزيد في العمر ، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه ، وهيّئوا لإخوانكم وعيالكم عن فضله بالجهد من وجودكم ، وبما تناله القدرة من استطاعتكم ، وأظهروا البِشْر فيما بينكم والسرور في ملاقاتكم ». الخطبة (١).
وعرفه أئمّة العترة الطاهرة ـ صلوات الله عليهم ـ فسَمَّوه عيداً ، وأمروا بذلك
___________________________________
(١) ذكرها شيخ الطائفة بإسناده في مصباح المتهجّد : ص ٥٢٤ [ ص ٦٩٨ ]. ( المؤلف )