العيد هو الثامن عشر من ذي الحجّة ؛ لأنّ المؤاخاة كانت فيه في سنة عشر من الهجرة ، وهي حجّة الوداع ، وهم يُحيون ليلتها بالصّلاة ، ويُصلّون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال ، وشعارهم فيه لبس الجديد وعتق الرقاب وبرّ الأجانب والذبائح.
وأوّل من أحدثه معزُّ الدولة أبو الحسن عليّ بن بويه علىٰ ما نذكره إن شاء الله في أخباره في سنة ( ٣٥٢ ) ، ولمّا ابتدع الشيعة هذا العيد واتّخذوه من سننهم عمل عوامّ السنّة يوم سرور نظير عيد الشيعة في سنة ( ٣٨٩ ) ، وجعلوه بعد عيد الشيعة بثمانية أيام ، وقالوا : هذا يوم دخول رسول الله صلىاللهعليهوسلم الغار هو وأبو بكر الصدّيق ، وأظهروا في هذا اليوم الزينة ونصب القباب وإيقاد النيران. انتهىٰ.
وقال المقريزي في الخطط (١) ( ٢ / ٢٢٢ ) : عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً ، ولا عمله أحد من سالف الأمّة المقتدىٰ بهم ، وأوّل ما عرف في الإسلام بالعراق أيّام معزّ الدولة عليّ بن بُوَيه ، فإنّه أحدثه سنة ( ٣٥٢ ) فاتّخذه الشيعة من حينئذٍ عيداً. انتهىٰ.
وما عساني أن أقول في بحّاثة يكتب عن تاريخ الشيعة قبل أن يقف علىٰ حقيقته ، أو أنَّه عرف نفس الأمر فنسيها عند الكتابة ، أو أغضىٰ عنها لأمرٍ دُبِّر بليل ، أو أنَّه يقول ولا يعلم ما يقول ، أو أنَّه ما يبالي بما يقول ، أوَليس المسعودي المتوفّىٰ ( ٣٤٦ ) يقول في التنبيه والإشراف ( ص ٢٢١ ) : وولدُ عليّ رضياللهعنه وشيعته يعظِّمون هذا اليوم ؟ أوَليس الكُليني الراوي لحديث عيد الغدير في الكافي (٢) توفِّي سنة ( ٣٢٩ ) ؟ وقبله فرات بن إبراهيم الكوفي المفسِّر الراوي لحديثه الآخر في تفسيره (٣) ـ الموجود عندنا ـ الذي هو في طبقة مشايخ ثقة الإسلام الكليني المذكور ، فالكتب هذه أُلِّفت قبل ما ذَكَراه ـ النويري والمقريزي ـ من التاريخ ( ٣٥٢ ).
___________________________________
(١) الخطط : ١ / ٣٨٨.
(٢) الكافي : ٤ / ١٤٩ ح ٣.
(٣) تفسير فرات الكوفي : ص ١١٧ ح ١٢٣.