ما أدخلت في كتاب الجامع إلّا ما صحّ ، وتركت من الصحاح لحال الطول. وقال مسلم :
ليس كلّ صحيح وضعته هنا ، إنَّما وضعت هنا ما أجمعوا عليه ؛ يريد ما وجد عنده فيها شرائط المجمع عليه ، وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم.
وقال العراقيّ أيضاً ( ص ١٩ ) في شرح قوله :
وخذ زيادة الصحيح إذ تُنصّ |
|
صحّتُهُ أو من مصنِّف ينصّ (١) |
يجمعه نحو ابن حبّان الزكي |
|
وابنِ خُزيمةٍ وكالمستدرك |
لمّا تقدّم أنَّ البخاري ومسلماً لم يستوعبا إخراج الصحيح ، فكأنّه قيل : فمن أين يعرف الصحيح الزائد علىٰ ما فيهما ؟ فقال : خذه إذ تُنصّ صحّته ؛ أي حيث ينصّ علىٰ صحّته إمام معتمد ، كأبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، والدارقطني ، والخطابي ، والبيهقي ، في مصنّفاتهم المعتمدة ، كذا قيّده ابن الصلاح بمصنّفاتهم ، ولم أقيِّده بها ، بل إذا صحّ الطريق إليهم أنَّهم صحّحوه ولو في غير مصنّفاتهم ، أو صحّحه من لم يشتهر له تصنيف من الأئمّة ، كيحيى بن سعيد القطّان ، وابن معين ، ونحوهما ، فالحكم كذلك على الصواب ، وإنَّما قيّده ابن الصلاح بالمصنّفات ؛ لأنّه ذهب إلىٰ أنَّه ليس لأحد في هذه الأعصار أن يصحِّح الأحاديث ، فلهذا لم يعتمد علىٰ صحّة السند إلىٰ من صحّحه في غير تصنيف مشهور. ويُؤخذ الصحيح ـ أيضاً ـ من المصنّفات المختصّة بجمع الصحيح فقط ، كصحيح أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وصحيح أبي حاتم محمد بن حبّان ، وكتاب المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم ، وكذلك ما يوجد في المستخرجات على الصحيحين من زيادة أو تتمّة لمحذوف فهو محكومٌ بصحّته. انتهىٰ.
ولا يخفىٰ على الباحث أنَّ القرون الأولىٰ لم يكن يوجد فيها شيء من كلِّ هذا اللغط أمام ما أصحر به نبيُّ الإسلام يوم الغدير. نعم ، كان هناك شِرذمةٌ من أهل
___________________________________
(١) في المصدر : يخصّ.