محمد صاعقة : المتوفّىٰ ( ٢٥٥ ). وغيرهم (١).
فعدم إخراج البخاري ومسلم هذا الحديث المتّفق علىٰ صحّته وتواتره والحال هذه لا يكون قدحاً في الحديث إن لم يكن نقصاً في الكتابين ومؤلِّفيهما ، وكأنّ الشيخ محمود القادري فطن لهذا وحاول بقوله المذكور ( ص ٣٠٤ ) ـ : وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان ـ تقديس ساحة الكتابين ومؤلِّفيهما عن هذا النقص. لا أنَّه أراد إثبات صحّة الحديث بذلك ، كيف ؟ وهو يقول : اتّفق علىٰ ما ذكرنا جمهور أهل السنّة.
وغير خافٍ على النابه البصير أنَّ البادي بخلاف الإجماع في ردِّ الحديث هو ابن حزم الأندلسي (٢) ، وهو يقول : إنّ الأمّة لا تجتمع علىٰ خطأ. ثمّ تبعه في ذلك ابن تيميّة ، وجعل قوله مدرك قدحه في الحديث ، ولم يجد غميزة فيه غيره بيدَ أنَّه زاد عليه قوله : نقل عن البخاري وإبراهيم الحرّاني وطائفة من أهل العلم بالحديث أنَّهم طعنوا فيه وضعّفوه ، ذاهلاً عن قوله في منهاج السنّة ( ٤ / ١٣ ) : إنّ قصّة الغدير كانت في مرتجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حجّة الوداع ، وقد أجمع الناس علىٰ هذا.
ثمّ قلّدهما من راقه الانحياز عن الحقّ الثابت من نظراء التفتازاني والقاضي الإيجي والقوشجي والسيِّد الجرجاني ، وزادوا ضغثاً علىٰ إبّالة ، فلم يكتفوا في ردِّ الحديث بعدم إخراج الصحيحين ، ولم يقفوا علىٰ فِرية ابن تيميّة في عزوه الطعن إلى البخاري والحرّاني ، أو ما راقتهم النسبة إلى البخاري والحرّاني لمكان ضعف الناقل ـ ابن تيميّة ـ عندهم ، فقالوا بإرسال المسلّم : قد طعن فيه ابن أبي داود وأبو حاتم السجستاني. ثمّ جاء ابن حجر فزاد علىٰ أبي داود والسجستاني قوله : وغيرهم ... إلىٰ أن جاد الدهرُ بالهروي ، فزحزح السجستاني ، ووضع في محله الواقدي وابن خزيمة ، فقال في السهام الثاقبة : قدح في صحّة الحديث كثير من أئمّة الحديث ، كأبي داود ،
___________________________________
(١) سبقت تراجم هؤلاء جميعاً من ( ص ٨٢ ـ ٩٣ ). ( المؤلف )
(٢) ستقف على الرأي العام فيه بعد تمام المحاكمة. ( المؤلف )