عشر رجلاً فيقول (١) : هذه اثنتا عشرة طريقاً إليه ، ومثل هذا يبلغ حدّ التواتر.
وآخر يرىٰ حديث : « تقتلك الفئة الباغية » متواتراً ، ويقول (٢) : تواترت الروايات به ، روي ذلك عن عمّار وعثمان وابن مسعود وحذيفة وابن عبّاس في آخرين ، وجوّد السيوطي قول من حدّد التواتر بعشرة ، وقال في ألفيّته (٣) ( ص ١٦ ) :
وما رواه عددٌ جمٌّ يجبْ |
|
إحالة اجتماعهم على الكذبْ |
فمتواترٌ وقومٌ حدّدوا |
|
بعشرةٍ وهو لديَّ أجودُ |
هذه نظريّتهم المشهورة في تحديد التواتر ، لكنّهم إذا وقفوا علىٰ حديث الغدير اتّخذوا له حدّاً أعلىٰ لم تبلغه رواية مائةٍ وعشرة صحابي أو أكثر بالغاً ما بلغ.
ومن غرائب اليوم ما جاء به أحمد أمين في كتابه ظهر الإسلام تعليق ( ص ١٩٤ ) : من أنَّه يرويه الشيعة عن البراء بن عازب.
وأنت تعلم أنَّ نصيب رواية البراء ـ من إخراج علماء أهل السنّة ـ أوفر من كثير من روايات الصحابة ، فقد عرفت ( ص ١٨ ، ١٩ ، ٢٠ ) و ( ص ٢٧٢ ـ ٢٨٣ ) : أنَّه أخرجها ما يربو على الأربعين رجلاً من فطاحل علمائهم ، وفيهم مثل أحمد وابن ماجة والترمذي والنسائي وابن أبي شيبة ونظرائهم ، وجملة من أسانيدها صحيحة رجالها كلّهم ثقات ، لكن أحمد أمين راقه أن تكون الرواية معزوَّةً إلى الشيعة فحسب ، إسقاطاً للاحتجاج بها ، وليس هذا ببدعٍ من تقوّلاته في صحائف إسلامه صبحاً وضحىً وظهراً.
( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا * فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ) (٤)
___________________________________
(١) راجع تاريخ ابن كثير : ٧ / ٢٨٩ [ البداية والنهاية : ٧ / ٣٢١ حوادث سنة ٣٧ هـ ]. ( المؤلف )
(٢) تهذيب التهذيب : ٧ / ٤٠٩ [ ٧ / ٣٥٨ رقم ٦٦٥ ] ، والإصابة : ٢ / ٥١٢ [ رقم ٥٧٠٤ ]. ( المؤلف )
(٣) ألفيّة السيوطي في علم الحديث : ص ٤٤.
(٤) الكهف : ٥ ـ ٦.