هذا. ثمّ نقل عن أبي حنيفة أنَّه يقول : إنّ للكبير أن يقتل ولا ينتظر الصغار. وعن الشافعي : أنَّ الكبير لا يستقيد حتىٰ يبلغ الصغير ، ثمّ أورد على الشافعية بأنّ الحسن ابن عليّ قد قتل عبد الرحمن بن ملجم ولعليٍّ بنون صغار ، ثمّ قال : هذه القصّة ـ يعني قتل ابن ملجم ـ عائدةٌ على الحنفيّين بمثل ما شنّعوا على الشافعيّين سواء سواء ؛ لأنّهم والمالكيين لا يختلفون في أنَّ من قتل آخر علىٰ تأويل فلا قَوَد في ذلك ، ولا خلاف بين أحد من الأمّة في أنَّ عبد الرحمن بن ملجم لم يقتل عليّاً رضياللهعنه إلّا متأوِّلاً مجتهداً مقدِّراً أنَّه علىٰ صواب ، وفي ذلك يقول عمران بن حطّان شاعر الصفريّة :
يا ضربةً من تقيٍّ ما أراد بها |
|
إلّا ليبلغَ من ذي العرش رضوانا |
إنّي لأذكره حيناً فأحسبه |
|
أوفى البريّة عند الله ميزانا |
أي لَأُفكّر فيه ثمّ أحسبه ... ، فقد حصل الحنفيّون في خلاف الحسن بن عليّ على مثل ما شنّعوا به على الشافعيّين ، وما ينقلون أبداً من رجوع سهامهم عليهم ، ومن الوقوع فيما حفروه (١).
فهلمّ معي نسائل كلّ معتنق للإسلام ، أين هذه الفتوى المجرّدة من قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث صحيح لعليّ عليهالسلام : « قاتلك أشقى الآخرين » ؟ وفي لفظ : « أشقى الناس ». وفي الثالث : « أشقى هذه الأمّة كما أنَّ عاقر الناقة أشقىٰ ثمود ».
أخرجه الحفّاظ الأثبات والأعلام الأئمّة بغير طريق ، ويكاد أن يكون متواتراً على ما حدّد ابن حزم التواتر به. منهم :
إمام الحنابلة أحمد في المسند (٢) ( ٤ / ٢٦٣ ) ، والنسائي في الخصائص (٣) ( ص ٣٩ ) ،
___________________________________
(١) وحكاه عنه ابن حجر في تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ـ طبعة الهند سنة ( ١٣٠٣ هـ ) ـ : ص ٤١٦ [ ٤ / ٤٦ ]. ( المؤلف )
(٢) مسند أحمد : ٥ / ٣٢٦ ح ١٧٨٥٧.
(٣) خصائص أمير المؤمنين : ص ١٦٢ ح ١٥٣ ، وفي السنن الكبرىٰ : ٥ / ١٥٣ ح ٨٥٣٨.