فقال : من سرّه أن ينظر إلىٰ عظيم الباع يوم القيامة ، فلينظر إلىٰ هذا الذي قتل ابن سميّة.
ثمّ سأله أبو الغادية حاجته ، فلم يجبه إليها ، فقال : نُوطّئ لهم الدنيا ، ولا يُعطونا (١) منها ، ويزعم أنّي عظيم الباع يوم القيامة.
فقال الحجّاج : أجل والله من كان ضرسه مثل أُحد وفخذه مثل جبل ورقان ومجلسه مثل المدينة والربذة إنَّه لعظيم الباع يوم القيامة ، والله لو أنَّ عمّاراً قتله أهل الأرض كلّهم لدخلوا كلّهم النار. وذكره ابن حجر في الإصابة ( ٤ / ١٥١ ).
وفي الاستيعاب (٢) هامش الإصابة ( ٤ / ١٥١ ) : أبو الغادية كان محبّاً في عثمان ، وهو قاتل عمّار ، وكان إذا استأذن علىٰ معاوية وغيره يقول : قاتل عمّار بالباب ، وكان يصف قتله له إذا سُئل عنه لا يُباليه ، وفي قصّته عجب عند أهل العلم ، روىٰ عن النبيّ قوله : « لا ترجعوا بعدي كُفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض » ، وسمعه منه ، ثمّ قتل عمّاراً.
وهذه كلّها تنمُّ عن غايته المتوخّاة في قتل عمّار ، واطِّلاعه ووقوفه علىٰ ما أخبر به النبيُّ الأقدس في قاتل عمّار ، وعدم ارتداعه ومبالاته بقتله بعدهما ، غير أنَّه كان بطبع الحال علىٰ رأي إمامه معاوية ، ويقول لمحدّثي قول النبيّ بمقاله المذكور : إنَّك شيخ أخرق ، ولا تزال تحدّث بالحديث ، وأنت ترحض في بولك.
وأنت أعرف منّي بمغزىٰ هذا الكلام ومقدار أخذ صاحبه بالسنّة النبويّة واتِّباعه لما يُروىٰ عن مصدر الوحي الإلٰهي ، وبأمثال هذه كان اجتهاد أبي الغادية فيما ارتكبه أو ارتبك فيه.
___________________________________
(١) كذا في المصدر.
(٢) الاستيعاب : القسم الرابع / ١٧٢٥ رقم ٣١٠٩.